وأعني بالحادثة الموضوعية: ما كان إدراكي لها يستمدّ وجوده منها، وأعني بالحادثة الذاتية: ما كان إدراكي لها هو الذي يمدّها بالوجود.
وكلتا الفرضيّتين- الموضوعية والذاتية- متساويتان في القيمة الاحتمالية؛ لأ نّنا لا نعلم عدد الافتراضات المحتملة التي تتضمّنها كلّ من فرضية كون حادثة البرق- مثلًا- ذاتية، وفرضية كونها موضوعية، وكلّ احتمال للعدد في إحدى الفرضيّتين يوازيه احتمال مناظر في الآخر.
وهذا يعني أنّ قيمة احتمال «أنّ حادثة البرق موضوعيّة»- أي لا تستمدّ وجودها من إدراكي للبرق- تساوي قيمة احتمال «أ نّها ذاتية»- أي تستمدّ وجودها من إدركي للبرق- وكلا الاحتمالين يتمثّلان في علم إجمالي يضمّ كلتا الفرضيّتين- الموضوعيّة والذاتية- كطرفين له، ونعبّر عن هذا العلم الإجمالي ب «العلم الإجمالي القبلي الأوّل». وبهذا نحدّد الاحتمال القبلي لفرضيّة كون الحادثة موضوعيّة.
2- ويمكنني قبل أن اثبت أنّ الحادثة موضوعيّة أو ذاتية، أن اثبت بالاستقراء مبدأ السببيّة، فاثبت باحتمال استقرائي كبير، وبالطريقة التي تقدّمت في الفصل السابق، مبدأ السببيّة وأنّ كلّ حادثة لها سبب، إذ لا يتوقّف استعمال تلك الطريقة الاستقرائية على أن نثبت مسبقاً موضوعية الحوادث، أو ذاتيّتها.
3- ومن خلال الملاحظة المستمرّة كثيراً ما نشاهد- في إدراكنا الحسّي- أشياء تقترن بأشياء اخرى أو تتلوها، فالضوء يقترن مع مقابلة قرص الشمس للأرض، وصوت الرعد يتلو البرق، وصمّامة الحوض إذا انتزعت تسرّب الماء إلى الحديقة، ووضع الماء على مسافة محدّدة من النار يقترن بعد برهة من الزمن بالغليان … وهكذا.
وهذا الاقتران المستمرّ يمكن أن يتّخذ أساساً لإثبات سببيّة إحدى