فإنّ الكلّي المقيّد الذي تعلّق به العلم الأوّل هو كتابة حروف لغة يعرفها الكاتب، والكلّي المقيّد الذي تعلّق به العلم الثالث هو أنّ الكاتب يعرف لغة هي اللغة التي كتب حروفها على الورقة. والقيمة الاحتمالية المستمدّة من العلم الثالث- والتي تنفي معرفة الكاتب باللغة الصينية- تدلّ على أنّ كتابة الحروف الصينية ليست مصداقاً للكلّي المقيّد الذي تعلّق به العلم الأوّل، أي أ نّها ليست مصداقاً لكتابة حروف لغة يعرفها الكاتب، كما أنّ القيمة الاحتمالية المستمدّة من العلم الأوّل- والتي تثبت أنّ الكاتب كتب حروفاً بلغة صينية- تدلّ على أنّ اللغة العربية ليست مصداقاً للكلّي المقيّد الذي تعلّق به العلم الثالث، أي أ نّها ليست مصداقاً للغة التي كتب الكاتب حروفها على الورقة.
وهذا القول يمكننا الردّ عليه عن طريق البديهية الإضافية الرابعة التي تعلِّمنا أنّ التقييد المصطنع لا يحقّق الحكومة، وإنّما يحقّقها التقييد الحقيقي، وتقرّر- على هذا الأساس-: أنّ القيمة الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي في مرحلة الأسباب حاكمة على القيمة الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي في مرحلة المسبّبات؛ لأنّ تقيّد المسبّب بسببه حقيقي، وتقيّد السبب بمسبّبه مصطنع.
والحالة التي ندرسها الآن هي حالة من حالات هذه البديهية الإضافية الرابعة؛ لأنّ العلم الإجمالي الثالث علم في مرحلة الأسباب، نظراً إلى أنّ معرفة اللغة شرط أساس في كتابة حروفها، والعلم الإجمالي الأوّل علم في مرحلة المسبّبات. وعلى هذا الأساس يكون المعلوم في العلم الإجمالي الأوّل كلياً مقيّداً تقيّداً حقيقياً، وهو الكتابة بلغة يعرفها الكاتب؛ لأنّ هذا يعبّر عن تقيّد المسبّب بسببه. وأمّا المعلوم في العلم الإجمالي الثالث فهو وإن أمكن إبرازه بوصفه كلياً مقيّداً عن طريق القول بأ نّه عبارة عن اللغة التي قد كتب بها، ولكن هذا التقييد مصطنع؛ لأنّه تقييد للسبب بمسبّبه، فلا يحقّق الحكومة تطبيقاً للبديهية الإضافية الرابعة.