رغم كثرة الاختلافات بين الأشخاص العشرة. وأمّا افتراض ذلك في الحالة الثانية فلا يعني تشابهاً في الظروف والملابسات؛ لأنّ الحادثة التي يفترض توفّر دافع مصلحي عند كلّ شاهد للإخبار بها، تختلف عن الحادثة التي يفترض توفّر دافع مصلحي عند الشاهد الآخر للإخبار بها، فلا تشابه بين المصالح لكي تكون ناتجة عن ظروف وملابسات مشتركة.
وهكذا نعرف أنّ القضية المتواترة قضية استقرائية مستدلّة، بنفس الطريقة التي يعالج بها الدليل الاستقرائي أي قضية استقرائية اخرى عبر مرحلتين، على أساس حساب الاحتمال وتراكم القيم الاحتمالية في محور واحد.
مشكلة الاحتمال القبلي للقضية المتواترة:
بقي علينا أن نعرف دور الاحتمال القبلي للقضية المتواترة، فقد تثار مشكلة هذا الاحتمال القبلى بالطريقة التالية:
إنّ العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات دوافع الصدق والكذب وإن كان يسبّب تجمّع قيم احتمالية كبيرة حول محور واحد- وهو أنّ واحداً من المخبرين على الأقلّ لم يكن لديه مصلحة شخصية في أن يخبر بتلك القضية- ولكن لا يمكن تحديد القيمة النهائية للقضية المتواترة على أساس هذا التجمّع، بل يجب أن يؤخذ الاحتمال القبلي للقضية المتواترة المستمدّ من علم إجمالي سابق بعين الاعتبار، وتحدّد القيمة النهائية على أساس ضرب أحد العلمين بالآخر.
فمثلًا: إذا كانت ورقة ما تحتوي على كلمات مكوّنة من مائة حرف، ولا نملك أيّ فكرة عنها غير أ نّها مكوّنة من حروف عربية، فسوف يكون عدد الاحتمالات القبلية كبيراً جدّاً؛ لأنّ هناك ثمانية وعشرين احتمالًا في كلّ حرف من الحروف المائة، فمجموع الاحتمالات الممكنة بشأن تلك الكلمات هو ناتج