2- إنّ القيم الاحتمالية للأطراف ليست متساوية في العلم الذي يستوعب الحالات الممكنة لافتراض الدوافع المصلحية، وهذا يعني: أنّ بإمكان هذا العلم إفناء احتمال أحد أطرافه، دون أن يؤدّي إلى إفناء إحدى القيم الاحتمالية المتساوية بدون مرجّح.
والسبب في أنّ قيم الأطراف ليست متساوية: أنّ قيمة الحالة التي تفترض وجود دوافع مصلحيّة للإخبار عن وقوع الحادثة عند جميع الشهود هي أصغر من قيمة احتمال أيّ حالة اخرى، لما تقدّم- في دراستنا للمرحلة الثانية للدليل الاستقرائي- من أنّ احتمال تكرّر الصدفة بصورة متماثلة في عدد كبير من الحالات، أضعف من سائر الاحتمالات الاخرى. فكما أ نّك إذا حاولت أن تلقي بقطعة النقد عشر مرّات، يكون احتمال ظهور وجه الصورة فقط أو وجه الكتابة فقط في جميع المرّات أضعف من أيّ حالة اخرى من الحالات الممكنة، كذلك في مجال القضية المتواترة تعتبر حالة وجود دافع مصلحي للإخبار بوقوع الحادثة- التي سألنا عنها- عند جميع الشهود أضعف احتمالًا من أيّ حالة اخرى من الحالات الممكنة التي تتأ لّف منها أطراف العلم الإجمالي.
وقد فسّرنا ذلك في البحث المتقدّم على أساس تدخّل علم إجمالي آخر يجعل تلك الحالة أضعف قيمة من سائر الحالات الاخرى، فإنّ الشهود يعيش كلّ واحد منهم ظروفاً وملابسات كثيرة، ولا شكّ في أنّ جهات الاختلاف بينهم في هذه الظروف والملابسات كثيرة، وأ نّها أكثر جدّاً من جهات الاتفاق والاشتراك.
وافتراض مرور جميع الشهود بالظروف والملابسات التي تؤدّي إلى دافع مصلحي للإخبار عن وقوع الحادثة، يعني- على الأكثر-: أنّ جهات الاتفاق هي وحدها التي تدخّلت في تحديد موقف كلّ شاهد دون جهات الاختلاف، رغم أنّ جهات الاختلاف أكثر جدّاً من جهات الاتفاق. وهذا هو الذي يجعل احتمال تكرّر