المتواترة إلى يقين؛ لأنّ الشرط الأساس للمرحلة الثانية من الدليل الاستقرائي متوفّر، وهو أن لا يعني إفناء الكسر الضئيل الممثّل لقيمة الاحتمال المضادّ للمطلوب: إفناء العلم لإحدى قيمه الاحتمالية المتساوية بدون مرجّح.
ويمكن إثبات توفّر هذا الشرط بأحد الأمرين التاليين:
1- إنّ العلم الذي يستوعب كلّ الحالات الممكنة لافتراض دوافع مصلحية للإخبار عن الحادثة هو المصدر للقيم الاحتمالية المتجمّعة في محور واحد، وهذه القيم المتجمّعة هي التي تسبّب إفناء قيمة الاحتمال المضادّ، أي المنافي لوقوع الحادثة.
ونلاحظ بهذا الصدد أنّ عدم وقوع الحادثة ليس طرفاً من أطراف ذلك العلم، لكي يعني إفناء العلم لاحتماله: إفناء العلم لإحدى القيم الاحتمالية لأطرافه. بل إنّ عدم وقوع الحادثة لازم أخصّ لواحدة من تلك الحالات التي تتشكّل منها أطراف ذلك العلم الإجمالي، وهي الحالة التي تتضمّن افتراض وجود الدافع المصلحي لدى كلّ المخبرين، فإنّ عدم وقوع الحادثة لا يصدق إلّا في هذه الحالة، وهذه الحالة يمكن أن تصدق مع وقوع الحادثة. وهذا يعني أنّ عدم وقوع الحادثة لازم أخصّ لهذه الحالة التي تمثّل واحداً من أطراف ذلك العلم الإجمالي.
وقد تقدّم في درس المرحلة الثانية من الدليل الاستقرائي: أنّ العلم في هذه المرحلة يمكنه أن يفني اللازم الأخصّ لأحد أطرافه، كما كان العلم الإجمالي- الذي يستوعب الحالات الممكنة لوجود (ت) وعدمه في التجارب الناجحة التي تثبت القضية التجريبية- يفني احتمال عدم سببية (أ) ل (ب) بوصفه اللازم الأخصّ لحالة من تلك الحالات، وهي حالة افتراض وجود (ت) في جميع المرّات.