المزعوم للقضية القائلة: بأنّ الاتفاق لا يكون دائمياً.
والقضية المتواترة في رأينا ليست إلّاقضية استقرائية تقوم على أساس المناهج الاستقرائية في الاستدلال، كالقضايا التجريبية والحدسية، فهي نتيجة للدليل الاستقرائي.
ونحن نواجه في القضية المتواترة الحالة الاولى من حالات الشكل الثاني للاستدلال الاستقرائي. فقد عرفنا سابقاً أنّ للاستدلال الاستقرائي شكلين:
أحدهما يتّجه إلى إثبات سببية (أ) ل (ب)، حيث نعلم بأنّ (أ) موجودة مع عدد كبير من الباءات، ونشكّ في علاقة السببيّة بين ماهيّة (أ) وماهية (ب). والآخر يتّجه إلى إثبات وجود (أ) واقترانه بالباءات، حيث نعلم بأنّ بين ماهية (أ) وماهية (ب) علاقة السببيّة، ونشكّ في وجود (أ) فعلًا. كما عرفنا أيضاً أنّ الشكل الثاني للدليل الاستقرائي- الذي يثبت وجود (أ)- له حالات، والحالة الاولى منها أن يكون بديل (أ) المحتمل كونه سبباً ل (ب) مجموعة مكوّنة من (ج د ه) مثلًا.
والقضية المتواترة هي مثال من أمثلة هذه الحالة؛ لأنّ اتفاق العدد الكبير من المحتفلين على جواب واحد، عند السؤال منهم عن نوع الشخص المحاضر في الحفلة، يعبّر عن باءات[1] عديدة بعدد الإخبارات الصادرة منهم. وكون الشخص الذي اتّفقوا على ذكره هو المحاضر حقّاً يعبّر عن (أ)؛ لأنّه إذا كان هو المحاضر حقّاً فهذا وحده يكفي- تقريباً- لكي يفسّر لنا كلّ الباءات، وما هو البديل ل (أ) هو أن نفترض توفّر دواعٍ مصلحية لدى كلّ المخبرين دعتهم إلى الكذب بطريقة واحدة، وهذا الدليل يشتمل على افتراضات عديدة مستقلّة. ويمكِّننا ذلك من
[1] الأولى من الناحية التعبيريّة هو افتراض مجموع هذه الإخبارات باءً واحداً لكي يتجلّى بوضوح تطابق هذا المثال لما مضى من الحالة الاولى للشكل الثاني للدليل الاستقرائي وأ نّه كيف كان بديل( أ) مركّباً من عدّة امور( الحائري)