تراكم الاحتمالات في محور واحد وفقاً للمرحلة الثانية من الدليل الاستقرائي، فهو تصديق أوّلي من الناحية المنطقية، ولكنّه يتوقّف في نفس الوقت على افتراض كلّ التصديقات التي تتطلّبها المرحلة الاستنباطية المؤدّية إلى تراكم الاحتمالات، وإن لم يكن مستنتجاً منها منطقياً.
القضية الحدسيّة:
والقضايا الحدسيّة كالقضايا التجريبية تماماً، فالإنسان يلاحظ- في المثال الذي يقدّمه المنطق الأرسطي للقضية الحدسية- اختلاف تشكّل نور القمر عند اختلاف نسبته إلى الشمس، فيحدس أنّ القمر يستمدّ نوره من الشمس، كما يحدس أنّ الحرارة سبب لتمدّد الحديد على أساس ملاحظة الاقتران بين التمدّد والحرارة في عدد كبير من الحالات.
وللمنطق الأرسطي تجاه القضية الحدسية موقفان أيضاً: فهو في تصنيفه الاعتيادي للقضايا يعتبر القضية الحدسية قضية أوّلية، وفي نظرة أعمق يعتبرها مستنتجة من نفس القضية الأساسية التي جعلها الأساس المنطقي للقضايا التجريبية، وهي: أنّ الصدفة النسبية لا تتكرّر باستمرار، فلو لم يكن نور القمر مستمدّاً من الشمس لما اقترن الاختلاف في نسبة القمر إلى الشمس قرباً وبعداً باختلاف في تشكّل نوره؛ لأنّ الصدفة النسبية لا تدوم.
ورأيُنا في القضية الحدسية هو رأيُنا المتقدّم في القضية التجريبية:
فالقضية الحدسية قضية ثانوية مستدلّة، وهي بكامل مدلولها مستنتجة من القضايا الجزئية التي تكوّن منها الاستقراء لصالح تلك القضية الحدسية، ولكن بدرجة من الاستنتاج والإثبات أقلّ من اليقين، وفقاً للمرحلة الاستنباطية من الدليل الاستقرائي.