اليقينية الثانوية في كونها مستنتجة، غير أنّ استنتاج القضية اليقينية الثانوية من القضايا اليقينية الاولى استنتاج كامل بدرجة اليقين، واستنتاج القضية المظنونة التي يذكرها المنطق الأرسطي من القضايا اليقينية السابقة استنتاج ناقص بدرجة أقلّ من اليقين.
فلنقارن بين مثالين: أحدهما لاستنتاج قضية يقينية من قضايا يقينية سابقة، والآخر لاستنتاج قضية مظنونة من قضايا يقينية سابقة.
أمّا المثال الأوّل: فهو قولنا: «هذه القطعة تتمدّد بالحرارة؛ لأنّ هذه القطعة معدن، وكلّ معدن يتمدّد بالحرارة». فالقول بأنّ «هذه القطعة تتمدّد بالحرارة» قضيّة يقينية مستنتجة، والقول بأنّ «كلّ معدن يتمدّد بالحرارة» قضية تجريبية تندرج في القضايا اليقينية الستّ.
وأمّا المثال الثاني: فهو قولنا: «هذا الإنسان سافل؛ لأنّه لا عمل له، وفي كلّ عشرة أشخاص ممّن لا عمل لهم يوجد تسعة سافلون». فالقول بأنّ «هذا الإنسان سافل» قضيّة مظنونة بدرجة 10/ 9، والقول بأنّ «في كلّ عشرة أشخاص ممّن لا عمل لهم يوجد تسعة سافلون» قضية تجريبية تندرج في القضايا اليقينية الستّ.
والفارق بين المثالين: أنّ القضية المستنتجة في المثال الأوّل متضمّنة في المقدّمات اليقينية تضمّناً كاملًا، ولهذا كانت يقينية. والقضية المستنتجة في المثال الثاني متضمّنة في المقدّمات اليقينية تضمّناً ناقصاً، أي بدرجة 10/ 9، ولهذا كانت قضية مظنونة. فالقضايا المظنونة التي يستعرضها المنطق الأرسطي قضايا مستنتجة.
و «القضايا المشبّهة» هي أيضاً ليست قضايا أوّلية في سير الفكر الاستدلالي عند الإنسان؛ لأنّ الإنسان يتورَّط في التصديق بها نتيجة لشبهها