نسبته من الشمس قرباً وبعداً.
6- الفطريّات: وهي قضايا لا يكفي تصوّر طرفيها لتصديق العقل بها كالأوّليات، بل لا بدّ لها من وسط، إلّاأنّ هذا الوسط ليس ممّا يذهب عن الذهن، فكلّما حضرت القضية الفطرية في الذهن اكتسبت التصديق من العقل فوراً، لحضور الوسط معه. مثل حكمنا بأنّ «الاثنين نصف الأربعة»؛ لأنّ الأربعة تنقسم إليه وإلى قسم آخر يساويه، وكلّ ما ينقسم عدد إليه وإلى قسم آخر يساويه فهو نصف ذلك العدد، فالاثنان نصف الأربعة.
وكلّ قضيّة مستدلّة بمقدّمات تنتمي إلى هذه الأصناف الستّة فهي قضية يقينية نظرية.
فالقضايا اليقينية الستّ تشكّل القاعدة الرئيسية للمعرفة الجديرة بالثقة والواجبة القبول. والقضايا المستدلّة والمستنتجة منها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هي البناء العلوي- أو الفوقي- في تلك المعرفة. ويستمدّ كلّ استنتاج في هذا البناء مبرّره من التلازم بين التصديق واليقين بالقضية الفوقية، والتصديق واليقين بمجموعة من القضايا السابقة المستدلّ بها.
وهذا التلازم بين التصديقين واليقينين يقوم على أساس التلازم بين الواقع الموضوعي للقضية المستدلّة والواقع الموضوعي لمجموعة القضايا المستدلّ بها على تلك القضية، فالتوالد في بناء المعرفة هذا نتيجة للتوالد الموضوعي بين القضايا أنفسها، وما لم يكن بين القضية المستدلّة ومجموعة القضايا التي تساهم في إنتاجها تلازم، فلا يكون اليقين بهذه المجموعة من القضايا مولّداً لليقين بتلك القضية المستدلّة.
ويطلق- حسب مصطلحات المنطق الأرسطي- على هذه المعرفة بما تضمّ من بناء علوي وقاعدة رئيسية اسم «المعرفة البرهانية»، وعلى الاستدلال الذي