من المجموع الكلّي طرفاً له، فإن طبّقت المصادرة على كلّ المجموعات الألفية أدّى إلى إفناء هذا الاحتمال مع أ نّه احتمال كبير نسبياً فلا يمكن إفناؤه على أساس المصادرة الاستقرائية، وإن طبّقت المصادرة على بعض المجموعات دون بعض، حفاظاً على هذا الاحتمال الإجمالي، فهو ترجيح بلا مرجّح.
ويجب أن نشير بهذا الصدد إلى أنّ هذا الاحتمال الإجمالي لا يشبه الاحتمال الإجمالي الذي اثير- في الاعتراض الرابع- ضدّ الشكل الأوّل لتطبيق المصادرة، وهو احتمال أن تكون واحدة على الأقلّ من علاقات السببيّة غير ثابتة؛ لأنّ ذلك الاحتمال كان نتيجةً لجمع احتمالات النفي في علاقات السببيّة المتعدّدة، إذ لم يكن يوجد مبرّر مباشر لإيجاد الاحتمال الإجمالي، ولهذا كان من الطبيعي أن يزول ذلك الاحتمال الإجمالي بإفناء الاحتمالات التي أنتجته. وأمّا هنا فالاحتمال الذي يمكن أن نجعله بديلًا ل (العلم الإجمالي 3) ليس نتيجة جمع لاحتمالات الكذب في المجموعات الألفية المتعدّدة، بل يوجد مبرّر مباشر له، وهو استقراء نسبة الكذب إلى الصدق في الأخبار، فإنّ الاستقراء قد يبرهن- بدرجة معقولة من الاحتمال- على نسبةٍ محدّدة تؤدّي إلى احتمال وجود ألف خبرٍ كاذب في كلّ ثلاثة آلاف، أو في كلّ مئة ألف خبر مثلًا، وكلّما كان الاحتمال الإجمالي موجوداً على أساس مبرّرٍ مباشر له، وكان يتمتّع بقيمة غير ضئيلة، فلا يمكن إفناؤه عن طريق إفناء الاحتمالات الصغيرة التي يضمّها.
ولئن كانت الطريقة الاولى لتدخّل (العلم الإجمالي 2) غير كافية لإيجاد جوٍّ غير متناقض لتطبيق المصادرة الاستقرائية فإنّ الطريقة الثانية كافية لذلك، إذ لا يوجد في مجالها ما يوازي (العلم الإجمالي 3)، أو الاحتمال الإجمالي البديل له.