وأمّا التماثل المصطنع فأقصد به: التماثل الذي لا يفرض وجود سبب مشترك. فإذا افترضنا- مثلًا- أ نّنا كنّا نلقي قطعة النقد، وكان هناك شخص يتنبّأ اعتباطاً في كلّ مرّة بالوجه الذي سيظهر، فقال عن الرمية الاولى: إنّ الكتابة سوف تظهر، وقال عن الرمية الثانية: إنّ الصوره سوف تظهر، ونفس الشيء قاله عن الثالثة والرابعة … وهكذا إلى العاشرة.
ففي هذه الحالة يوجد تماثل بين ظهور وجه الكتابة في المرّة الاولى، وظهور وجه الصورة في المرّة الثانية، وظهور وجه الكتابة في المرّة الثالثة، وظهور وجه الصورة في المرّة الرابعة … وهكذا؛ لأنّ هذه الفروض كلّها متماثلة في كونها محقّقة لنبوءة ذلك الشخص، إلّاأنّ هذا تماثل مصطنع، فهو لا يفرض أن يكون السبب الذي أدّى إلى ظهور وجه الكتابة في المرّة الاولى هو بنفسه يؤدّي إلى ظهور وجه الصورة في المرّة الثانية. وعلى هذا الأساس لا يكون احتمال صدق نبوءة ذلك الشخص صدفةً في جميع المرّات، أضعف من أيّ احتمالٍ آخر من احتمالات كذبه. فكما أ نّنا لو لم نواجه نبوءة من هذا القبيل للاحظنا أنّ احتمال ظهور وجه الكتابة في الاولى والثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة، وظهور وجه الصورة في الباقي، يساوي احتمال ظهور وجه الكتابة في المرّات الخمس الاولى وظهور وجه الصورة في الباقي، كذلك نلاحظ فعلًا بعد النبوءة:
تساوي الاحتمالين، دون أن تكون النبوءة نفسها- بسبب ما تخلق من تماثل مصطنع- سبباً لهبوط قيمة الاحتمال الأوّل عن قيمة الاحتمال الثاني.
وسبب الفرق بين التماثل الحقيقي والتماثل المصطنع: أنّ افتراض تكرّر الصدفة بصورة متماثلة تماثلًا مصطنعاً لا يعني: افتراض أن يكون السبب في كلّ مرّة هو ذلك الجزء المشترك من الظروف والملابسات، بل قد يكون السبب ثابتاً في نطاق التباينات المعلومة بين الحالات المتتالية؛ لأنّ التماثل المصطنع