ظهور وجه الكتابة في المرّة الاولى نتيجة لأحد هذه الجوانب المتحرّكة لما تكرّر ظهوره في المرّة الثانية، فتكرّر ظهوره في جميع المرّات لا يمكن أن يفترض إلّا إذا افترضنا أنّ العامل المسبّب لظهور وجه الكتابة هو الجانب الثابت من الظروف والملابسات، إذ بحكم كونه ثابتاً يتكرّر أثره في كلّ مرّة فيظهر وجه الكتابة.
وهذا افتراضٌ لا يملك إلّاقيمة احتمالية ضئيلة جدّاً؛ لأنّ الجوانب المتحرّكة وغير الثابتة من الملابسات والظروف أكثر من ذلك الجانب الثابت بدرجة كبيرة جدّاً، وكلّ واحدٍ من هذه الجوانب المتحرّكة يحتمل أن يكون له دورٌ في تحديد الوجه الذي سيبرز. وبكلمة مختصرة: كلّما كان دور الجزء الثابت أكبر كان ترقّب تكرّر نفس الظاهرة مرّات عديدة أقوى، وكلّما كان دور الجزء المتحرّك أكبر كان ترقّب اختلاف الظاهرة أقوى. ولمّا كانت احتمالات سببية الجزء المتحرّك أكثر نتيجةً لكون عناصر الحركة في الظروف والملابسات أكثر من عناصر الثبات، فمن الطبيعي أن يكون احتمال تكرّر نفس الوجه في كلّ المرّات ضعيفاً جدّاً.
ولنأخذ مثالًا آخر: نفرض أ نّا أقمنا دعوة لخمسين شخصاً من الأصدقاء، وحاولنا مسبقاً أن نتنبّأ بلون الملابس التي سوف يرتدونها عند مجيئهم إلى الدعوة، فسوف نجد أنّ قيمة احتمال أن يجيء الجميع صدفة بلون واحد ضئيلة جدّاً، فهي أصغر من قيمة أيّ احتمال آخر. والسبب في ذلك هو السبب في مثال رمي قطعة النقود، فإنّ اختيار كلّ واحد من الخمسين للون ملابسه يرتبط عادة بمجموعة من الظروف والملابسات، ونحن نعلم الاختلاف الشديد بين هؤلاء الخمسين في ظروفهم وملابساتهم، وعدم وجود اشتراك في الظروف والملابسات بينهم إلّابقدر ضئيل جدّاً، فإذا كان هؤلاء سوف يأتون جميعاً بلون واحد فهذا يعني: أنّ الذي تحكّم في موقف كلّ منهم هو ذلك القدر الضئيل