ويمكننا أن نعبّر عن المحورين تعبيراً إيجابياً بدلًا من التعبير السلبي المتقدّم، فنفترض أنّ أحدهما: ثبوت السببيّة، وأنّ الآخر: ثبوت أحد أمرين: إمّا أنّ التاء قد عدم ولو مرّة واحدة على الأقلّ، وإمّا أنّ (أ) ليس سبباً ل (ب). وكلّ من هذين المحورين الإيجابيين يواجه تجمّعاً للقيم الاحتمالية لصالحه يساوي التجمّع الذي هو لصالح المحور الآخر، وكلا التجمّعين ينتميان إلى (العلم 2). فإذا افترض في (العلم 2) أ نّه يؤدّي إلى إيجاد اليقين بالمحور الأوّل دون الثاني فهو ترجيح بلا مبرّر، وإذا افترض فيه أ نّه يؤدّي إلى اليقين بكلا المحورين فهو يعني اليقين بأنّ التاء لم توجد في جميع المرّات، وبذلك يكون (العلم 2) قد أفنى قيمة أحد أطرافه.
وقد يتبادر إلى الذهن: الجواب على هذا الاعتراض في ضوء الشرط الثاني الذي وضعناه لتطبيق المصادرة، وهو أن يكون المحور حقيقياً لا مصطنعاً.
ففي هذا الاعتراض قوبل عدم السببيّة بمحور مصطنع وهو الحادثة المركّبة، وقوبلت السببيّة بمحور مصطنع وهو ثبوت أحد أمرين، كالمحور المصطنع الذي تحدّثنا عنه في مثال سقوط الحجر عند محاولة تثبيته على رأس عمود مدبّب.
بينما تتوقّف المصادرة على إيجاد محور حقيقي، وليس هو إلّاالسببيّة سلباً وإيجاباً.
ولكنّ الحقيقة أ نّنا- حينما ربطنا تطبيق المصادرة بمحور حقيقي بدلًا عن محور مصطنع- برهنّا على هذا الارتباط بأنّ تطبيق المصادرة على محاور مصطنعة يؤدّي إلى التناقض، والاعتراض الذي نواجهه فعلًا يحاول أن يبرهن على أنّ المحور الحقيقي كواحد من هذه المحاور المصطنعة، إذ يؤدّي تطبيق المصادرة على المحور الحقيقي والمحور المصطنع معاً إلى تناقض، ويؤدّي تطبيقها على المحور الحقيقي دون المحور المصطنع إلى ترجيح بلا مرجّح، بعد أن