فاليقين الناشئ من تجمّع الاحتمالات في محور واحد لا يمكن أن يعيش إلّا مرتبطاً بتلك الاحتمالات، وأيّ افتراض لزوال بعض هذه الاحتمالات هو في نفس الوقت افتراض لزوال اليقين.
فاليقين بالسببيّة- بوصفه ناشئاً من تجمّع عدد كبير من القيم الاحتمالية لاحتمالات عدم وجود التاء- لا يمكن أن يتضمّن العلم بالسببيّة على تقدير افتراض أنّ تلك القيم الاحتمالية كانت كاذبة، وأنّ التاء كانت موجودة في جميع المرّات.
وهكذا نعرف: أنّ كلّ يقين استقرائي بوجود شيء فعلًا، نتيجةً لتجمّع الاحتمالات، لا يمكن أن يستبطن العلم بوجود ذلك الشيء على التقادير التي لا يكون ذلك التجمّع ثابتاً على أساسها؛ لأنّ أيّ تقدير يفقد فيه التجمّع بعض قيمه الاحتمالية، يفقد اليقين فيه مبرّر وجوده. فلا يمكن أن نبرهن على عدم اليقين الاستقرائي بالسببيّة فعلًا، عن طريق عدم اليقين بالسببيّة على تقدير افتراض وجود التاء في جميع التجارب الناجحة.
3- تطبيق مضادّ للمصادرة الاستقرائيّة:
وبالإمكان إبراز اعتراض ثالث على المصادرة ونشوء اليقين الاستقرائي بالسببيّة على أساسها.
وهذا الاعتراض هو محاولة للحصول على تطبيق مضادّ للمصادرة نفسها، وذلك عن طريق إبراز محورين سلبيّين[1] متساويين في القيمة الاحتمالية ودرجة
[1] المحور إيجابي تارة وسلبي اخرى. فالمحور الإيجابي هو: المحور الذي تتجمّع قيم احتمالية كثيرة لصالحه، والمحور السلبي: ما تجمّعت قيم احتمالية ضدّه.( المؤلّف قدس سره)