المصادرة وشروطها
1- صياغة المصادرة
إنّ المصادرة التي يفترضها الدليل الاستقرائي في مرحلته الثانية لا ترتبط بالواقع الموضوعي ولا تتحدّث عن حقيقة من حقائق العالم الخارجي، وإنّما ترتبط بالمعرفة البشرية نفسها. ويمكن تلخيص المصادرة كما يلي:
كلّما تجمّع عدد كبير من القيم الاحتمالية في محور واحد، فحصل هذا المحور نتيجة لذلك على قيمة احتمالية كبيرة، فإنّ هذه القيمة الاحتمالية الكبيرة تتحوّل- ضمن شروط معيّنة- إلى يقين، فكأنّ المعرفة البشرية مصمَّمة بطريقة لا تتيح لها أن تحتفظ بالقيم الاحتمالية الصغيرة جدّاً، فأيّ قيمة احتمالية صغيرة تفنى لحساب القيمة الاحتمالية الكبيرة المقابلة، وهذا يعني: تحوّل هذه القيمة إلى يقين. وليس فناء القيمة الاحتمالية الصغيرة نتيجة لتدخّل عوامل بالإمكان التغلّب عليها والتحرّر منها، بل إنّ المصادرة تفترض أنّ فناء القيمة الصغيرة وتحوّل القيمة الاحتمالية الكبيرة إلى يقين، يفرضه التحرّك الطبيعي للمعرفة البشرية، نتيجةً لتراكم القيم الاحتمالية في محور واحد بحيث لا يمكن تفاديه والتحرّر منه، كما لا يمكن التحرّر من أيّ درجة من الدرجات البديهية للتصديق المعطاة بصورة مباشرة إلّافي حالات الانحراف الفكري.
فلا يشبه تحوّل القيمة الاحتمالية الكبيرة إلى يقين وفناء القيم الاحتمالية