بكتاب معيّن دون آخر فهذا يناقض تصديقه بأ نّه لا يملك أيّ فكرة عن تعيين الكتاب الناقص في واحد دون آخر، فكيف يجزم بأ نّه ليس هذا ويشكّ في أ نّه ذاك؟!
وهكذا يثبت أنّ درجة التصديق ليست موضوعية ولا أوّلية، بل هي ذاتية بحتة، عن طريق تناقضها مع درجات اخرى للتصديق لا يمكن التنازل عنها، ونحن نطلق على الدرجة الذاتية البحتة من هذا القبيل اسم «الدرجة الوهمية والتصديق الوهمي».
وإذا درسنا الدليل الاستقرائي في ضوء ذلك كلّه نجد أنّ درجة التصديق للقضية الاستقرائية التي يحدّدها في مرحلته الاستنباطية هي درجة موضوعية؛ لأ نّها مستنبطة دائماً من درجات موضوعية اخرى للتصديق. غير أنّ هذه الدرجة هي أقلّ من اليقين دائماً؛ لأنّ درجة التصديق بالقضية الاستقرائية المستنبطة من الدرجات الاخرى للتصديق وفق المرحلة الاستنباطية للدليل الاستقرائي لا يمكن أن تبلغ أعلى درجة للتصديق وهي الجزم واليقين؛ لأنّ هناك قيمة احتمالية صغيرة دائماً تمثّل الخلاف، فلا يمكن- إذن- أن يحصل التصديق الاستقرائي على أعلى درجة بوصفها درجة موضوعية مستنبطة. ويبقى أمام الدليل الاستقرائي- لكي يبرّر ذلك- أن يفترض أنّ التصديق الاستقرائي يحصل على أعلى درجة بوصفها درجة موضوعية أولية، أي معطاة عطاءً مباشراً. وهذا الافتراض مصادرة مثل المصادرة التي تحتاجها أيّ عملية استنباطية؛ لأنّ أيّ استدلال استنباطي يتوقّف- كما عرفنا سابقاً- على افتراض مصادرة مؤدّاها: أنّ هناك درجات موضوعية للتصديق معطاة بصورة مباشرة دون أن تكون مستنبطة من درجات اخرى.