وقد يوجد يقين موضوعي ولا يقين ذاتي، أي تكون الدرجة الجديرة وفق المبرّرات الموضوعية هي درجة الجزم ولكن إنساناً معيّناً لا يجزم فعلًا، نظراً إلى ظرف غير طبيعي يمرّ به.
وهكذا نعرف: أنّ اليقين الموضوعي له طابع موضوعي مستقلّ عن الحالة النفسية والمحتوى السيكولوجي الذي يعيشه هذا الإنسان أو ذاك فعلًا. وأمّا اليقين الذاتي فهو يمثّل الجانب السيكولوجي من المعرفة.
وكما يوجد يقين موضوعي بهذا المعنى في مقابل اليقين الذاتي، كذلك يوجد احتمال موضوعي في مقابل الاحتمال الذاتي. فالاحتمال الموضوعي يعبّر عن درجة محدّدة من التصديق الاحتمالي وهي الدرجة التي تفرضها المبرّرات الموضوعية، فيكون الاحتمال موضوعياً إذا كانت درجته تتطابق مع الدرجة التي تفرضها المبرّرات الموضوعية. والاحتمال الذاتي يعبّر عن الدرجة الاحتمالية الموجودة فعلًا في نفس شخص معيّن سواء كانت متطابقة مع تلك المبرّرات أم لا.
وسوف نعبّر بكلمة التصديق الموضوعي عن اليقين الموضوعي والاحتمال الموضوعي بدرجاته المتفاوتة، ونعبّر بكلمة التصديق الذاتي عن اليقين الذاتي والاحتمال الذاتي بدرجاته المتفاوتة أيضاً.
بقي علينا أن نعرف ما هي المبرّرات الموضوعية التي تحدّد درجة التصديق، وكيف يمكن أن نحدّد الدرجة الموضوعية لتصديقاتنا؟
إنّ الدرجة الموضوعية للتصديق هي: تلك الدرجة التي يمكن استنباطها من الدرجات الموضوعية لتصديقات سابقة، فكما أنّ قضية من قضايا الرياضة أو المنطق تستنبط من قضايا اخرى، كذلك الدرجات الموضوعية للتصديقات تستنبط من الدرجات الموضوعية لتصديقات سابقة. وكما يجب في مجال استنباط القضايا بعضها من بعض أن نفترض بداية غير مستنبطة ولا مندرجة ضمن