الكشف عن الحقيقة، وإلّا فهو مخطئ.
والآخر: الحقيقة والخطأ في اليقين من الناحية الثانية، أي من ناحية الدرجة التي يمثّلها من درجات التصديق، فقد يكون اليقين مصيباً وكاشفاً عن الحقيقة من الناحية الاولى ولكنّه مخطئ في درجة التصديق التي يمثّلها. فإذا تسرّع شخص وهو يلقي قطعة النقد، فجزم بأ نّها سوف تبرز وجه الصورة نتيجةً لرغبته النفسية في ذلك، وبرز وجه الصورة فعلًا، فإنّ هذا الجزم واليقين المسبق يعتبر صحيحاً وصادقاً من ناحية القضية التي تعلّق بها؛ لأنّ هذه القضية طابقت الواقع، ولكنّه رغم ذلك يعتبر يقيناً خاطئاً من ناحية درجة التصديق التي اتّخذها بصورة مسبقة، إذ لم يكن من حقّه أن يعطي درجةً للتصديق بالقضية «إنّ وجه الصورة سوف يظهر» أكبر من الدرجة التي يعطيها للتصديق بالقضية الاخرى «إنّ وجه الكتابة سوف يظهر».
وما دمنا قد افترضنا إمكانية الخطأ في درجة التصديق، فهذا يعني:
افتراض أنّ للتصديق درجة محدّدة في الواقع طبق مبرّرات موضوعيّة، وأنّ معنى كون اليقين مخطئاً أو مصيباً في درجة التصديق: أنّ درجة التصديق التي اتّخذها اليقين في نفس المتيقّن تطابق أو لا تطابق الدرجة التي تفرضها المبرّرات الموضوعيّة للتصديق.
ولنأخذ مثالًا آخر: نفترض أ نّنا دخلنا إلى مكتبة ضخمة تضمّ مائة ألف كتاب، وقيل لنا: إنّ كتاباً واحداً فقط من مجموعة هذه الكتب قد وقع نقص في أوراقه، ولم يعيّن لنا هذا الكتاب. ففي هذه الحالة إذا ألقينا نظرة على كتاب معيّن من تلك المجموعة فسوف نستبعد جدّاً أن يكون هو الكتاب الناقص؛ لأنّ قيمة احتمال أن يكون هو ذاك هي: 000، 1100، ولكن إذا افترضنا أنّ شخصاً ما تسرّع