1- التبرير المنطقي:
والمبرّر المنطقي لرفض علاقة السببيّة بمفهومها العقلي يرتكز على أساس تصوّرات المنطق الوضعي عن القضية، إذ يربط معنى القضية بكيفية إثبات صدقها أو كذبها، بما لدى الإنسان من خبرة حسّية. فكلّ جملة يمكن للإنسان بخبرته الحسّية أن يثبت صدقها أو كذبها، فهي قضية ذات معنى، سواء كانت صادقة أو كاذبة. وكلّ جملة لا يملك الإنسان طريقة محدّدة لاستخدام خبرته الحسيّة في إثبات صدقها أو كذبها فهي ليست قضية، وليس لها معنى إطلاقاً في رأي المنطق الوضعي.
فإذا اعتبرنا التمكّن من استخدام الخبرة الحسّية لإثبات صدق الجملة أو كذبها شرطاً أساسياً في تكوين القضية من الناحية المنطقية، أدّى ذلك إلى أنّ كلّ جملة لا يؤثّر افتراض صدقها أو كذبها على خبرتنا الحسّية لا يمكن أن تكون قضية من الناحية المنطقية؛ لأنّ الخبرة الحسّية سوف تعجز في هذه الحالة عن إثبات صدقها أو كذبها، ما دامت هذه الخبرة الحسّية لا يمكن أن تتأثّر بصدقها أو بكذبها.
وعلى هذا الأساس إذا درسنا الجملة القائلة: «كلّ (أ) يعقبها- أو يقارنها- (ب)» نجد أ نّها قضية من وجهة نظر المنطق الوضعي؛ لأنّ بالإمكان التوصّل إلى كيفيةٍ لإثبات صدقها أو كذبها باستخدام الخبرة الحسّية، وذلك بإيجاد (أ) لكي نلاحظ هل يوجد (ب) عقيبه حقاً أو لا؟
وأمّا إذا درسنا الجملة القائلة: «إنّ بين (أ) و (ب) علاقة ضرورية تجعل من الضروري أن يوجد (ب) عقيب (أ)» فسوف نجد أنّ علاقة الضرورة هذه لا تضيف إلى الاقتران أو التعاقب شيئاً في مجال الخبرة الحسّية، فسواء كان بين