نتائج دراستنا للمرحلة الاستنباطية
وقد انتهينا من درسنا للمرحلة الاستنباطية للدليل الاستقرائي إلى نتائج في غاية الأهمية، لم تحصل حتّى الآن- فيما أعلم- على تبرير منطقي كامل بالطريقة التي أدّتها بحوث هذا الكتاب.
ويمكن تلخيص هذه النتائج فيما يلي:
أوّلًا: أنّ المرحلة الاولى من الدليل الاستقرائي (وهي التي نطلق عليها اسم المرحلة الاستنباطيّة) يمكن أن نعتبرها تطبيقاً دقيقاً لنظرية الاحتمال بالتعريف الذي اخترناه، ولا يحتاج الدليل الاستقرائي في هذه المرحلة إلى أيّ مصادرة تتوقّف على ثبوت مسبق، سوى مصادرات نظرية الاحتمال نفسها.
ثانياً: أنّ المرحلة الاستنباطية من الدليل الاستقرائي- رغم عدم احتياجها إلى أيّ ثبوت مسبق لمصادرات اخرى إضافة إلى مصادرات نظرية الاحتمال- تتوقّف على افتراض عدم وجود مبرّر قبلي لرفض علاقات السببيّة بمفهومها العقلي، أي للاعتقاد بعدمها، وهذا لا يكلّف الدليل الاستقرائي إثباتاً مسبقاً؛ لأنّ الرفض هو الذي يحتاج إلى إثبات، وأمّا عدم الرفض القبلي فيكفي له عدم وجود مبرّر للرفض. وعلى هذا الأساس نعرف: أنّ من يرفض علاقات السببيّة بمفهومها العقلي رفضاً كاملًا لا يمكنه أبداً أن يفسّر الدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية، ويبرّر نموّ الاحتمال بالقضية الاستقرائية. وعن هذا الطريق يمكننا أن نبرهن لكلّ من يعترف بقيمة حقيقية للدليل الاستقرائي في تنمية الاحتمال، على أ نّه مضطرّ إلى التنازل عن المبرّرات القبلية لرفض علاقات السببيّة ونفيها.
ثالثاً: أنّ الدليل الاستقرائي الذي يحتاج فقط إلى افتراض عدم وجود مبرّر