مستقلّة عن غيرها من العلاقات؛ لأنّها تعبّر عن صدفة نسبية، وليست مجموعة تلك العلاقات إلّاتعبيراً عن اطّراد في الصدفة، ولا تلازم بين الصدف.
وهنا يكمن الفارق الأساس بين السببيّة بمعنى الاطّراد في الصدفة، والسببيّة بمفهومها العقلي بوصفها علاقة ضرورة بين مفهومين. فهي بالمعنى الأوّل: مجموعة من العلاقات المستقلّة، وبالمعنى الثاني: علاقة واحدة تنشأ على أساسها ارتباطات بين أفراد هذا المفهوم وأفراد ذلك المفهوم. ويترتّب على هذا:
أوّلًا: أنّ السببيّة بالمفهوم التجريبي- أي القانون السببي- لمّا كانت تعبّر عن مجموعة من العلاقات أو الصدف المستقلّة بعدد أفراد (أ) و (ب)، فقيمة احتمالها القبلي هي: قيمة احتمال اقتران فرد معيّن من (أ) مع فرد معيّن من (ب)، مضروباً في قيمة احتمال اقتران الفرد الثاني من (أ) مع الفرد الثاني من (ب)، مضروباً في قيمة احتمال اقتران (أ) الثالث مع (ب) الثالث. وهكذا تصل قيمة هذا الاحتمال إلى كسر بحكم الصفر عملياً؛ لأنّ عوامل الضرب كبيرة جدّاً، بعدد أفراد (أ) في الطبيعة في الماضي والحاضر والمستقبل.
وخلافاً لذلك السببيّة بالمفهوم العقلي بوصفها علاقة واحدة بين مفهومين، فإنّ احتمالها القبلي لا يحدّد بعوامل الضرب هذه، بل إذا كنّا نفترض العلم بأنّ سبب (ب) واحد، فهو يحدّد على أساس قسمة رقم العلم على عدد الأشياء المحتمل كونها سبباً ل (ب)، وإذا لم نفترض ذلك العلم فهو يحدّد ب 2/ 1 كما تقدّم.
ثانياً: أنّ احتمال السببيّة التجريبية بمعنى القانون السببي، لا يمكن أن ينمو من خلال التجارب الناجحة بدرجة تزداد قيمته بموجبها على 2/ 1؛ لأنّ أيّ تجربة ناجحة لوحظ فيها اقتران (أ) و (ب) لا تؤثّر على هذا الاحتمال، إلّابقدر ما تؤدّي إليه من إنقاص عامل من عوامل الضرب، فإذا افترضنا أنّ أفراد (أ) التي يراد التعميم الاستقرائي لها عشرة، فقيمة الاحتمال القبلي لسببيّة (أ) ل (ب)