التطبيق الرابع
نريد الآن أن ننطلق في التطبيق الرابع من منطلق جديد، أي من موقف قبلي يختلف اختلافاً أساسياً عن المواقف القبلية للتطبيقات السابقة، فإنّ تلك المواقف كانت تفترض جميعاً عدم وجود مبرّر قبلي لرفض علاقة السببيّة الوجودية بمفهومها العقلي بين (أ) و (ب)، وأمّا الموقف القبلي الذي ينطلق منه هذا التطبيق فهو يفترض وجود مبرّر قبلي لرفض هذه العلاقة، والاعتقاد بعدم وجود السببيّة بمفهومها العقلي، فلا توجد بين المفاهيم علاقات ضرورة تجعل وجود بعضها عند وجود البعض الآخر ضرورياً، وليس هناك من علاقة إلّاعلاقة الاقتران والتتابع بين هذا الفرد وذلك الفرد، وليست السببيّة إلّااطّراد هذا الاقتران أو التتابع.
وهذا يعني: أنّ القضية الاستقرائية التي يكلّف الدليل الاستقرائي بإثباتها في هذا التطبيق، ليست هي سببيّة (أ) ل (ب) بالمفهوم العقلي؛ لأنّ المفترض قبلياً العلم بعدمها، بل سببيّة (أ) ل (ب) بالمفهوم التجريبي التي تعني الاطراد في ذلك الاقتران أو التتابع، وهو ما نطلق عليه اسم القانون السببي.
ومن الواضح أنّ السببيّة بهذا المفهوم ليست علاقة واحدة قائمة بين المفهومين، كما كانت السببيّة العقلية، بل هي في الحقيقة مجموعة من العلاقات، أي علاقة الفرد 1 من (أ)، والفرد 1 من (ب). وعلاقة الفرد 2 من (أ)، والفرد 2 من (ب). وعلاقة الفرد 3 من (أ) والفرد 3 من (ب)، إلى غير ذلك من المجموعات الثنائية من أفراد (أ) و (ب).
فسببيّة (أ) ل (ب)، أو القانون السببي، عبارة عن عدد كبير من العلاقات بعدد المجموعات الثنائية من أفراد (أ) و (ب)، وكلّ واحدة من هذه العلاقات