التطبيق الثالث
وفي التطبيق الثالث نفترض عدم وجود مبرّر قبلي للإيمان بنفي سببيّة (أ) ل (ب) بمفهومها العقلي، ونفترض إلى جانب ذلك مبرّراً قبلياً للاعتقاد بإمكان الصدفة المطلقة.
وافتراض موقف قبلي على هذا النحو يؤدّي إلى العجز عن تنمية احتمال السببيّة العدميّة على أساس العلم الإجمالي الشرطي المتقدّم في التطبيق الثاني؛ لأنّ هذه التنمية تتوقّف على أن تكون هذه السببيّة محتملة في الموقف القبلي، فإذا افترضنا الاعتقاد المسبق بإمكان الصدفة المطلقة ونفي السببيّة العدميّة، فلا مجال لتلك التنمية. كما أنّ تنمية احتمال السببيّة الوجوديّة بين (أ) و (ب) على أساس العلم الإجمالي البعدي المتقدّم في التطبيق الأوّل غير ممكنة أيضاً؛ لأنّ ذلك العلم كان يستوعب محتملات وجود (ت) في التجارب الناجحة، وكانت كلّ الاحتمالات التي تفترض عدم تكرّر (ت) في كلّ التجارب في صالح سببيّة (أ) ل (ب). وأمّا في هذا التطبيق فليست المشكلة التي يواجهها سببيّة (أ) ل (ب) هي احتمالات أسباب اخرى من قبيل (ت)، بل احتمال أن يكون (ب) صدفة مطلقة؛ لأنّ المفروض الاعتقاد المسبق بإمكانها، فلنفرض- من أجل حصر المشكلة- أنّ الشيء الوحيد المحتمل كونه سبباً ل (ب) هو (أ)، ورغم هذا لا يمكننا أن نستدلّ على سببيّة (أ) ل (ب) باقترانهما في التجارب الناجحة؛ لأنّ هذا الاقتران كما قد يكون نتيجة لسببيّة (أ)، قد يكون صدفة ما دمنا قد افترضنا مسبقاً الاعتقاد بإمكانها.
وهكذا نجد: أنّ العلمين الإجماليين البعديين في التطبيقين السابقين