التطبيق الثاني
في هذا التطبيق نفترض: أ نّه لا مبرّر قبلي للإيمان بنفي علاقة السببيّة الوجودية- بمفهومها العقلي- بين (أ) و (ب)، ولا للإيمان باستحالة الصدفة المطلقة، وهذا يعني: أنّ من المحتمل أن يكون ل (ب) سبب توجد حتماً عند وجوده، ومن المحتمل في نفس الوقت أن توجد أحياناً بدون سبب أيضاً، وهو معنى الصدفة المطلقة.
والعامل الجديد في هذا الموقف هو الاحتمال القبلي للصدفة المطلقة، وهذا الاحتمال لا يسمح للمستقرئ أن يستنتج من اقتران (أ) و (ب) في التجربة، سببيّة (أ) ل (ب)، حتّى إذا لم يكن يوجد احتمال لسببيّة (ت) أو (ج) أو شيء آخر ل (ب)؛ لأنّ الصدفة المطلقة محتملة، وما دامت محتملة فقد يكون (ب) موجوداً صدفة.
فلنفترض- مثلًا- أنّ (أ) هو الشيء الوحيد المحتمل كونه سبباً ل (ب)، لنعرف ما هو الطريق لتنمية احتمال هذه السببيّة ونفي احتمال الصدفة المطلقة، وعلى أساس أيّ علم إجمالي يمكن أن ننمّي احتمال استحالة الصدفة المطلقة، وبالتالي احتمال سببيّة (أ) ل (ب)، بعد أن كان من الواضح عجز العلم الإجمالي البعدي الذي كنّا نتّخذه أساساً لتنمية احتمال السببيّة في التطبيق السابق للقيام بهذا الدور؛ لأنّ ذلك العلم لا يمكنه أن يعمل شيئاً، سوى أن يثبت- بقيمة احتمالية كبيرة- أنّ (ت) لم يتكرّر في كلّ التجارب الناجحة. ولا ينفع ذلك في هذا التطبيق؛ لأنّنا نشكّ هنا في استحالة الصدفة المطلقة، وافتراض أنّ (ت) غير موجود لا يمكنه أن ينفي احتمال وجود (ب) كصدفة مطلقة.