وفي هذا الضوء نستطيع أن نفهم باستيعاب المواقف القبليّة الأربعة التي سبق أن استعرضناها كنقاط بدء أربع للتطبيقات المختلفة التي سوف نمارسها للمرحلة الاستنباطيّة من الدليل الاستقرائي:
ففي الموقف القبلي للتطبيق الأوّل نفترض: أ نّه لا يوجد أيّ مبرّر قبلي لرفض علاقة السببيّة الوجوديّة بمفهومها العقلي بين (أ) و (ب)، أي للإيمان بعدمها، ونقبل في نفس الوقت السببيّة العدميّة بمفهومها العقليالذي يتضمّن استحالة الصدفة المطلقة.
وفي الموقف القبلي للتطبيق الثاني نفترض- كما في الأوّل-: أ نّه لا يوجد أيّ مبرّر قبلي لرفض علاقة السببيّة الوجوديّة بمفهومها العقلي بين (أ) و (ب)، وأمّا السببيّة العدميّة بمفهومها العقلي فنفترض أ نّه لا يوجد أيّ مبرّر قبلي للإيمان بها، كما لا مبرّر للإيمان بعدمها، وهذا يعني: الشكّ في إمكان الصدفة المطلقة.
وفي الموقف القبلي للتطبيق الثالث نفترض- كما في الموقفين السابقين-:
أ نّه لا يوجد أيّ مبرّر قبلي لرفض علاقة السببيّة الوجوديّة بمفهومها العقلي بين (أ) و (ب)، أي للإيمان بعدمها، ولكن يوجد مبرّر قبلي لرفض علاقة السببيّة العدميّة بمفهومها العقلي، وهذا يعني: الإيمان المسبق بإمكان الصدفة المطلقة، ولا تناقض بين الإيمان بإمكان الصدفة المطلقة وعدم رفض السببيّة الوجوديّة بالمفهوم العقلي كما عرفنا سابقاً.
وفي الموقف القبلي للتطبيق الرابع نفترض- خلافاً للمواقف الثلاثة السابقة-: أ نّا نملك مبرّراً قبليّاً لرفض علاقة السببيّة الوجوديّة بمفهومها العقلي بين (أ) و (ب)، أي للإيمان بعدمها، فلا يوجد أيّ احتمال قبل الاستقراء للسببيّة العقليّة، وإنّما يحتمل قبلياً السببيّة بالمفهوم التجريبي لها، أي أنّ (أ) تقترن بها أو تعقبها (ب) بصورة مطّردة.