الحادثة في أعضاء تلك الفئة. إنّ هذه البديهية لا يفرضها التكرار ولا مبدأ الاستقراء وبدونها لا نقدر على تحديد درجة الاحتمال الواقعي، فالقول بأنّ التكرار ومبدأ الاستقراء يكفيان لتحديد درجة احتمال وجود زرادشت غير صحيح.
وثانياً: إنّ هذه المحاولة لتفسير احتمالات من نوع احتمال وجود زرادشت على أساس التكرار لا يمكن أن تنجح في احتمالات من هذا النوع إذا لم تنشأ عن بيّنة معيّنة، بل عن كون المحتمل عضواً في فئة متكاملة. وأقصد بالفئة المتكاملة مجموعة من الحالات المتنافية التي لا بدّ منطقيّاً أن تكون واحدة منها صحيحة، ففي مجموعة متكاملة من هذا القبيل ليس من الضروري أن ينشأ احتمال أيّ عضو في هذه المجموعة من بيّنة، وكلّ نقيضين أي (الوجود والعدم) أو (النفي والإثبات) يتشكّل منهما مجموعة متكاملة؛ لأنّهما متنافيان، ومن الضروري منطقياً أن يكون أحدهما ثابتاً. وإذا أطلقنا على المجموعة المتأ لّفة من النقيضين اسم المجموعة المتكاملة الثنائية أمكننا القول بأنّ كلّ مجموعة متكاملة ثنائية ينشأ فيها احتمال لكلّ عضو فيها نتيجة لنفس الضرورة المنطقيّة التي جعلت منها مجموعة متكاملة ثنائية دون أن نفترض أيّ بيّنة على هذا العضو أو ذاك.
وثالثاً: إنّ مبدأ الاستقراء نفسه يرتكز على الاحتمال، وليس الاحتمال الذي يرتكز عليه الاستقراء تكراراً بل هو من نوع آخر رغم أنّ كلّ استقراء يشتمل على تكرار، فنحن حينما نستقرئ عدداً من أعضاء الفئة التي تنتمي إليها البيّنة الدالّة على وجود زرادشت ونلاحظ أ نّها صادقة بنسبة معيّنة نجد في هذا الاستقراء تكراراً، ولكن مبدأ الاستقراء الذي يبرّر تعميم النتيجة على سائر أعضاء الفئة لا يستند إلى الاحتمال بوصفه مجرّد تعبير عن هذا التكرار بل يستند إلى الاحتمال بمعنى آخر أكتفي الآن بالإشارة إليه تاركاً توضيحه إلى ما يأتي،