يجب أن تكون ثابتة بصورة مستقلّة عن عالم الاحتمال واليقين، وقائمة بصورة موضوعيّة بين قضيّتين: إحداهما (س) والاخرى الحالة التي ترتبط بها، أي بين قضيّة أنّ قطعة النقد قد رميت إلى الأرض، وقضيّة أنّ وجه الصورة قد ظهر. ونحن إذا فحصنا العلاقة الموضوعية التي تربط بين قضيّتين نجد أنّ إحدى القضيّتين قد يكون بينها وبين القضيّة الاخرى علاقة لزوم، بمعنى أنّ صدق قضيّة يستلزم صدق القضيّة الاخرى، وقد يكون بينهما علاقة تناقض بمعنى أنّ صدق قضيّة يستلزم كذب القضيّة الاخرى، وقد تكون بينهما علاقة إمكان بمعنى أنّ إحدى القضيّتين لا تستلزم الاخرى ولا تناقضها، وعلاقة الإمكان بهذا المعنى ليست بمعنى الاحتمال؛ لأنّ الإمكان بمعنى الاحتمال ليس علاقة موضوعية قائمة بصورة مستقلّة عن الإدراك، بل الإمكان هنا معناه نفي علاقة اللزوم وعلاقة التناقض، ولمّا كانت علاقة اللزوم وعلاقة التناقض موضوعيّتين فكذلك نفيهما.
وعلى هذا الضوء نجد أنّ العلاقة الموضوعية القائمة بين (س) وكلّ حالة من الحالات الممكنة هي علاقة الإمكان بهذا المعنى السلبي أي نفي علاقة اللزوم والتناقض. ومن الواضح أنّ التساوي بين الحالات الممكنة بالنسبة إلى (س) المفترض في التعريف لا يمكن أن نفسّره على أساس هذه العلاقة؛ لأنّ هذه العلاقة ليس لها درجات ليمكن افتراض التساوي والتفاوت بين الحالات.
وهكذا نجد في النهاية أنفسنا أمام علاقتين- علاقة الاحتمال وعلاقة الإمكان- لا يمكن أن نفسّر التساوي المفترض في التعريف على أساس أيّ واحدة منهما، فلا علاقة الاحتمال الذاتية تصلح أساساً للتساوي المفترض؛ لأنّ هذا يجعل التعريف يفترض الاحتمال بصورة مسبقة، ولا علاقة الإمكان الموضوعيّة تصلح أساساً للتساوي المفترض لأنّ هذه العلاقة ليس لها درجات.