وهذا التصوّر الخاطئ الذي نحذّر منه هو الاعتقاد بأنّ الفارق الأساس بين الاحتمال الواقعي والاحتمال الرياضي ينشأ من أنّ الاحتمال الواقعي يتحدّث عن قضية، أي عن أنّ هذه الرمية لقطعة النقد من المحتمل أن تنتج ظهور وجه الصورة، وإنّ الاحتمال الرياضي يتحدّث عن دالّة قضية لأنّه إنّما يتحدّث عن فرد افتراضي- عن رميةٍ ما- أي عن رمز، فما لم يحوّل هذا الرمز ويعيّن في فرد معيّن، في هذه الرمية أو تلك، لا تصبح الجملة قضيّة، وإذا عيّنّا قيمة الرمز وعيّنّاه في فرد خاصّ خرجنا عن نطاق الاحتمال الرياضي وأصبح الاحتمال واقعياً، فالاحتمال الرياضي يتحدّث دائماً عن دوالّ القضايا ولا يتحدّث عن قضيّة، فجملة «إنّ احتمال ظهور وجه الصورة في رمية ما هو 2/ 1» مردّها إلى أ نّه إذا كان (س) رمية ما فمن المحتمل أن يؤدّي (س) إلى ظهور وجه الصورة بدرجة 2/ 1.
وأنا أرى أنّ الاحتمال الرياضي يتحدّث عن قضيّة لا عن دالّة قضيّة، وأنّ هناك فارقاً بين الاحتمال الرياضي وبين الجمل التي تتحدّث عن دخول فئة في
__________________________________________________
– وهناك اتجاه حديث يتمثّل في المنطق الرمزي يؤمن أنّ الجمل التي تتحدّث عن دخول فئة في فئة من قبيل قولنا: «العراقيون أذكياء» هي جميعاً دوال قضايا وليست قضايا، ويميّز هذا الاتجاه بين الجملة التي تتحدّث عن دخول فرد في فئة نحو سقراط إنسان، وتلك التي تتحدّث عن دخول فئة في فئة. فالاولى قضيّة؛ لأنّها لا تحتوي على متغيّر؛ وأمّا الثانية فهي دالّة قضيّة؛ لأنّها تحتوي على متغيّر. فقولنا: «العراقيون أذكياء» قول شرطي في الحقيقة مردّه إلى أنّ (س) إذا كان عراقياً فهو ذكي.
ونحن نختلف مع هذا الاتجاه تبعاً للاختلاف في التصوّرات الأساسية عن الفرد والكلّي والفئة واللزوم، ولكنّا في مناقشة التصوّر الذي أشرنا إليه تحدّثنا من وجهة نظر ذلك الاتجاه. (المولّف قدس سره)