وهما عقدان لازمان[1] لا يبطلان إلّا بالتقايل، أو بفسخ أحدهما إن كان للفاسخ الخيار[2].
[1] المزارعة والمساقاة على نحوين: أحدهما يعتبر من العقود اللازمة ونسمّيه بالمزارعة العقدية، وهو ما يتضمّن التسليط المتبادل على نحو يكون لكلٍّ من صاحب الأرض والزارع حقّاً على تفصيل لا يسع المقام تحقيقه. والنحو الآخر يشبه الجعالة ويكون من التعهّدات الإذنية الجائزة بدون تسلّط على النحو المتقدم، ومرجعه إلى أمر المالك للعامل أو إذنه له في الزراعة أو السقي على وجه الضمان مع تعيينه في حصّة من الزرع أو الثمرة، ونسمّي ذلك بالمزارعة الإذنية، وللمالك فيها رفع اليد عن قراره على النحو الذي له في الجعالة.
وهل تنفسخ المزارعة أو المساقاة بموت المالك أو العامل؟ فيه تفصيل حاصله: أنّها إذا كانت إذنيةً انفسخت من حين موت أحدهما، فإذا كان الميت في المزارعة- مثلا- هو المالك صاحب البذر وقد مات قبل ظهور الزرع كان لعمل الزارع اجرة المثل على تركة المالك، وأمّا إذا كانت عقديةً فلا تنفسخ بموت أحدهما، فإذا مات صاحب البذر قام الوارث مقامه، وإذا مات الزارع ولم تكن المزارعة مقيَّدةً بمباشرته للعمل قامت تركته مقامه بمعنى الاستئجار من تركته، فما يوازي قيمة العمل المستحقّ على الزارع يعتبر بمثابة الدين وباقياً على ملك الميت، وبإنجاز العمل من قبل وصيّ الميت أو بإذن وليّه العامّ يستحقّ الحصّة وتنتقل إلى وارثه.
[2] أي لا ينفسخان إلّا بذلك، وأمّا البطلان فقد يكون لسبب آخر، كما إذا غرقت الأرض قبل ظهور الزرع على ما يأتي، وغير ذلك.