ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحجّ. نعم، الإتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحجّ بل يبقى الحجّ في ذمّته مستقرّاً فيجب عليه أداؤه ولو متسكّعاً، هذا كلّه في تلف الزاد والراحلة، وأمّا تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر بل يجتزئ حينئذٍ بحجّه، ولا يجب عليه الحجّ بعد ذلك.
(مسألة 42): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحجّ لكنّه معتقد بعدمه، أو كان غافلًا عنه، أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه غفلة عذر، لم يجب عليه الحجّ، وأمّا إذا كان شاكّاً فيه، أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه غفلة ناشئة عن التقصير ثمّ علم أو تذكّر بعد أن تلف المال فلم يتمكّن من الحجّ، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده.
(مسألة 43): كما تتحقّق الاستطاعة بوجدان الزاد والراحلة تتحقّق بالبذل، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدّداً، وإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله وجب عليه الحجّ، وكذلك لو اعطي مالًا ليصرفه في الحجّ وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله. ولا فرق في ذلك بين الإباحة والتمليك، ولا بين بذل العين وثمنها.
(مسألة 44): لو اوصي له بمال ليحجّ به وجب الحجّ عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياً بمصارف الحجّ ونفقة عياله، وكذلك لو وقف شخص لمن يحجّ أو نذر أو أوصى بذلك، وبذل له المتولّي أو الناظر أو الوصي وجب عليه الحجّ.
(مسألة 45): لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذليّة. نعم، لو كان له مال لا يفي بمصارف الحجّ وبذل له ما يتمّم ذلك وجب عليه القبول، ولكن يعتبر حينئذٍ الرجوع إلى الكفاية.