ويهدي ثُلُثَه إلى بعض الناس، ويتصدّق بثُلُثِه على بعض الفقراء، واعتبروا الإيمان شرطاً فيمن يهدى إليه ويُتصدّق به عليه. ولضمان تطبيق ذلك مع ندرة الفقير المؤمن في ذلك المكان ذكروا: أنّ بإمكان الحاجِّ أن يتوكَّل عن فقيرٍ مؤمنٍ ولو في بلده فيقبض الحاجّ ثلثه نيابةً عنه، وبذلك يؤدّي الوظيفة الشرعية.
والصحيح: أنّ هذا التصرّف من الأساس ليس بواجبٍ على هذا الوجه في هدي حجّ التمتّع، فلا يجب على الحاجِّ أن يأكل من ذبيحته، وإنّما يرخَّص له في ذلك. ويجب عليه أن يطعم الفقراء من ذبيحته إذا تمكّن من ذلك، قال اللَّه سبحانه وتعالى: «فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ»[1]. ولا يشترط في الفقير هنا الإيمان فإنّ «لكلِّ كبدٍ حرّى أجر»[2]. وقد ورد بسندٍ معتَبرٍ- على الأظهر- عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان يطعم من ذبيحته الحرورية»[3] وهم الخوارج الذين يعادون مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام.
وإطعام البائس الفقير الذي يأمر به القرآن الكريم لا ينطبق عرفاً على تقبّل الحاجِّ للثلث نيابةً عن فقيرٍ يبعد عن منى مئات الفراسخ ولا يحصل على شيءٍ من الذبيحة، فإنّ المأمور به عنوان الإطعام لا مجرّد إنشاء التمليك.
فالصحيح: أنّ الحاجَّ الذي لم يَسُقْ هديَه معه إن وجد فقراء تصدّق باللحم عليهم مهما كان مذهبهم ونوعهم، ويجوز له أن يأكل هو وغيره من أهله وإخوانه من الذبيحة أيضاً.
[1] الحجّ: 28
[2] الكافي 4: 57، كتاب الزكاة، الحديث 2، مع اختلاف
[3] وسائل الشيعة 14: 162، الباب 40 من أبواب الذبح، الحديث 8