الموضوعي بالذات، أو صورة مادّية تقوم بعضو مادّي خاصّ في جهازنا العصبي، أو لا هذا ولا ذاك، بل صورة مجرّدة عن المادّة، تماثل الواقع الموضوعي وتحكي عنه؟
أمّا أنّ الحديقة بواقعها الخارجي هي الصورة المتمثّلة في إدراكنا العقلي، فقد كانت تنادي بذلك نظرية قديمة في الرؤية، تفترض أنّ الإنسان يدرك الواقع الموضوعي للأشياء نفسه، بسبب خروج شعاع خاص من العين، ووقوعه على المرئي، ولكن هذه النظرية سقطت- أوّلًا- من الحساب الفلسفي؛ لأنّ خداع الحواسّ الذي يجعلنا ندرك صوراً معيّنة على أشكال خاصّة لا واقع لها، يبرهن على أنّ الصورة المدرَكة ليست هي الواقع الموضوعي، وإلّا فما هو الواقع الموضوعي المدرَك في الإدراكات الحسّية الخادعة؟! وسقطت- ثانياً- من الحساب العلمي؛ إذ أثبت العلم أنّ الأشعّة الضوئية تنعكس من المرئيات على العين لا من العين عليها، وأ نّا لا نملك من الأشياء المرئية إلّاالأشعّة المنعكسة منها على الشبكية. حتّى لقد أثبت العلم أنّ رؤيتنا للشيء قد تحدث بعد انعدام ذلك الشيء بسنين. فنحن لا نرى الشعرى في السماء- مثلًا- إلّاحين تصل الموجات الضوئية الصادرة عن الشعرى[1] إلى الإرض بعد عدّة سنين من انطلاقها عن مصدرها، فتقع على شبكية العين، فنقول: نحن نرى الشعرى، غير أنّ هذه الموجات الضوئية التي تؤدّي بنا إلى رؤية الشعرى إنّما تنبئنا عنها كما كانت قبل عدّة سنين. ومن الجائز أن تكون الشعرى قد انعدمت من السماء قبل رؤيتنا لها بأمد طويل، وهذا يبرهن علمياً على أنّ الصورة التي نحسّ بها الآن ليست هي
[1] الشِعرَى: الكوكب الذي يطلع في الجوزاء، وطلوعه في شدّة الحرّ.( المنجد في اللغة)( لجنة التحقيق)