الصورة بوضعها الصحيح.
فهل يكون هذا التصميم الجبّار الذي يضمن عملية الإبصار على أفضل وجه من فعل المادّة على غير هدى وقصد، مع أنّ مجرّد كشفه يحتاج إلى جهود فكرية جبّارة؟!
المادّة والبيولوجيا:
وخذ إليك بعد ذلك البيولوجيا، وعلم الحياة، فإنّك سوف تجد سرّاً آخر من الأسرار الإلهية الكبرى، سرّ الحياة الغامض الذي يملأ الوجدان البشري اطمئناناً بالمفهوم الإلهي، ورسوخاً فيه. فقد انهارت في ضوء علم الحياة نظرية التولّد الذاتي التي كانت تسود الذهنية المادّية، ويعتقد بها السطحيّون والعوام بصورة عامّة، ويسوقون للاستشهاد عليها أمثلة عديدة من الحشرات التي تبدو- في زعمهم- وكأ نّها تولّدت ذاتياً تحت عوامل طبيعية معيّنة، دون أن تتسلّل من أحياء اخرى، كالديدان التي تتكوّن في الأمعاء، أو في قطعة من اللحم إذا عرّضت للهواء مدّة من الزمان، ونحو ذلك من الأمثلة التي كانت توحي بها سذاجة التفكير المادّي. ولكن التجارب العلمية القاطعة برهنت على بطلان نظرية التولّد الذاتي، وأنّ الديدان لم تكن لتتولّد إلّابسبب جراثيم الحياة التي كانت تشتمل عليها قطعة اللحم …
وقد استأنفت المادّية حملتها من جديد؛ لتركيز نظرية التولّد الذاتي حين صنع أوّل مجهر مركّب على يد (أنطون فان لوينهوك)، فاكتشف به عالماً جديداً من العضويات الصغيرة، واستطاع هذا المجهر أن يبرهن على أنّ قطرة الماء من المطر لا توجد فيها جراثيم، وإنّما تتولّد هذه الجراثيم بعد نزولها إلى الأرض.
فرفع المادّيون أصواتهم وهلّلوا للنصر الجديد في ميدان الحيوانات الميكروبية