على محيط الدائرة الصغيرة. ومن الواضح: أ نّنا إذا حرّكنا الرحى تحرّكت كلتا الدائرتين. فلنحرّك الرحى، ونجعل النقطة التي وضعناها على الدائرة الكبيرة تتحرّك طبقاً لحركتها، ولكن لا نسمح لها بالحركة إلّابمقدار إحدى الوحدات المادّية، ثمّ نلاحظ في تلك اللحظة النقطة الموازية لها في الدائرة الصغيرة؛ لنتساءل: هل طوت من المسافة نفس المقدار الذي طوته النقطة المقابلة لها من الدائرة الكبيرة وهو وحدة كاملة، أو لم تطوِ إلّابعضه؟ أمّا أ نّها طوت نفس المقدار، فهو يعني: أنّ النقطتين سارتا مسافة واحدة، وهذا مستحيل؛ لأنّنا نعلم أنّ النقطة مهما كانت أبعد عن المركز الرئيسي للدائرة، تكون حركتها أسرع، ولذا تطوي في كلّ دورة مسافة أطول ممّا تطويه النقطة القريبة في تلك الدورة، فلا يمكن أن تتساوى النقطتان فيما طوتهما من المسافة. وأمّا أنّ النقطة القريبة طوت جزءاً من المسافة التي طوتها النقطة البعيدة، فهذا يعني: أنّ الوحدة التي اجتازتها النقطة البعيدة يمكن تجزئتها وتقسيمها، وليست وحدة لا تتجزّأ.
وهكذا يتّضح: أنّ أصحاب الفكرة القائلة بالوحدة التي لا تتجزّأ يواجهون موقفاً حرجاً؛ لأنّهم لا يمكنهم أن يعتبروا النقطة البعيدة والقريبة متساويتين في مقدار الحركة، ولا مختلفتين. ولم يبقَ لهم إلّاأن يزعموا لنا أنّ النقطة الموازية في الدائرة الصغيرة كانت ساكنة ولم تتحرّك، وكلّنا نعلم أنّ الدائرة القريبة من المركز لو كانت ساكنة في اللحظة التي تحرّكت فيها الدائرة الكبيرة، لترتّب على ذلك تفكّك أجزاء الرحى وتصدّعها[1].
وهذا البرهان يوضّح لنا: أنّ أيّ وحدة مادّية نفترضها فهي قابلة للتجزئة؛ لأ نّها حينما تطويها النقطة البعيدة عن المركز في حركتها، تكون النقطة القريبة قد
[1] يراجع للتفصيل الشفاء لابن سينا، الطبيعيّات( 1): 194، والنجاة لابن سينا: 197