إلّا طاقة متكاثفة، يمكن تحليلها وإرجاعها إلى حالتها الاولى. فهذه الطاقة هي الأصل العلمي للعالم في التحليل الحديث، وهي التي تظهر في أشكال مختلفة، وصور متعدّدة، صوتية، ومغناطيسية، وكهربائية، وكيمياوية، وميكانيكية.
وعلى هذا الضوء لم يعد الازدواج بين المادّة والإشعاع، بين الجُسيمات والموجات، أو بين ظهور الكهرب على صورة مادّة أحياناً، وظهوره على صورة كهرباء أحياناً اخرى، أقول: لم يعد هذا غريباً، بل أصبح مفهوماً بمقدار ما دامت كلّ هذه المظاهر صوراً لحقيقة واحدة، وهي الطاقة.
وقد أثبتت التجارب عملياً صحّة هذه النظريات؛ إذ أمكن للعلماء أن يحوّلوا المادّة إلى الطاقة، والطاقة إلى مادّة. فالمادّة تحوّلت إلى طاقة عن طريق التوحيد بين نواة ذرّة الهيدروجين ونواة ذرّة ليثيوم، فقد نتج عن ذلك نواتان من ذرّات الهليوم، وطاقة هي في الحقيقة الفارق بين الوزن الذرّي لنواتين من الهليوم، والوزن الذرّي لنواة هيدروجين ونواة ليثيوم.
والطاقة تحوّلت إلى المادّة عن طريق تحويل أشعّة (جاما)- وهي أشعّة لها طاقة وليس لها وزن- إلى دقائق مادّية من الألكترونات السالبة، والألكترونات الموجبة التي تتحوّل بدورها إلى طاقة إذا اصطدم الموجب منها بالسالب.
ويعتبر أعظم تفجير للمادّة توصّل إليه العلم هو: التفجير الذي يمكن للقنبلة الذرّية والهيدروجينية أن تحقّقه؛ إذ يتحوّل بسببهما جزء من المادّة إلى طاقة هائلة.
وتقوم الفكرة في القنبلة الذرّية على إمكان تحطيم نواة ذرّة ثقيلة، بحيث تنقسم إلى نواتين أو أكثر من عناصر أخفّ. وقد تحقّق ذلك بتحطيم النواة في بعض أقسام عنصر اليورانيوم الذي يطلق عليه اسم اليورانيوم 235، نتيجة لاصطدام النيوترون بها.