التحقيقين إيمانه بضرورة فناء المجتمع الرأسمالي، وإقامة المجتمع الشيوعي والمجتمع الاشتراكي الذي اعتبره خطوة للإنسانية إلى تطبيق الشيوعية تطبيقاً كاملًا.
فالميدان الاجتماعي في هذه الفلسفة ميدان صراع بين المتناقضات، وكلّ وضع اجتماعي يسود ذلك الميدان فهو ظاهرة مادّية خالصة، منسجمة مع سائر الظواهر والأحوال المادّية ومتأثّرة بها، غير أ نّه في نفس الوقت يحمل نقيضه في صميمه، وينشب- حينئذٍ- الصراع بين النقائض في محتواه، حتّى تتجمَّع المتناقضات، وتُحدِث تبدّلًا في ذلك الوضع وإنشاءً لوضع جديد، وهكذا يبقى العراك قائماً حتّى تكون الإنسانية كلّها طبقةً واحدة، وتتمثَّل مصالح كلّ فرد في مصالح تلك الطبقة الموحّدة. في تلك اللحظة يسود الوئام، ويتحقّق السلام، وتزول نهائياً جميع الآثار السيّئة للنظام الديمقراطي الرأسمالي؛ لأنّها إنّما كانت تتولَّد من تعدّد الطبقة في المجتمع، وهذا التعدّد إنّما نشأ من انقسام المجتمع إلى منتج وأجير. وإذاً فلا بدّ من وضع حدٍّ فاصل لهذا الانقسام، وذلك بإلغاء الملكيّة.
وتختلف هنا الشيوعية عن الاشتراكية في الخطوط الاقتصادية الرئيسية؛ وذلك لأنّ الاقتصاد الشيوعي يرتكز:
أوّلًا- على إلغاء المِلْكية الخاصّة ومحوها محواً تامّاً من المجتمع، وتمليك الثروة كلّها للمجموع، وتسليمها إلى الدولة باعتبارها الوكيل الشرعي عن المجتمع في إدارتها واستثمارها لخير المجموع. واعتقاد المذهب الشيوعي بضرورة هذا التأميم المطلق إنّما كان ردّ الفعل الطبيعي لمضاعفات المِلْكية الخاصّة في النظام الديمقراطي الرأسمالي. وقد بُرِّر هذا التأميم بأنّ المقصود منه إلغاء الطبقة الرأسمالية، وتوحيد الشعب في طبقة واحدة؛ ليختم بذلك الصراع، ويسدّ على الفرد الطريق إلى استغلال شتّى الوسائل والأساليب لتضخيم ثروته، إشباعا