وليس هذا التطوّر الديالكتي حركة دائرية للمادّة، ترجع فيها إلى نفس مبدئها، بل هي حركة تكاملية صاعدة أبداً ودائماً.
وحين يُعترض على الماركسية هنا: بأنّ الطبيعة قد تتحرّك حركات دائرية، كما في الثمرة التي تتطوّر إلى شجرة، ثمّ تعود بالتالي إلى ثمرة كما كانت.
تجيب: بأنّ هذه الحركة هي- أيضاً- تكاملية، وليست دائرية كالحركات التي يرسمها الفرجال، غير أنّ مردّ التكامل فيها إلى الناحية الكمّية لا الكيفية، فالثمرة وإن عادت في نهاية شوطها الصاعد ثمرة أيضاً، غير أ نّها تكاملت تكاملًا كمّياً؛ لأنّ الشجرة- التي انبثقت عن ثمرة واحدة- أفرعت عن مئات الثمرات، فلم يتحقّق رجوع للحركة أبداً.
وقبل كلّ شيء يجب أن نلاحظ الهدف الكامن وراء هذا الخطّ الديالكتي الجديد. فقد عرفنا أنّ الماركسية تضع الخطّة العملية للتطوير السياسي المطلوب، ثمّ تفتّش عن المبرّرات المنطقية والفلسفية لتلك الخطّة، فما هو التصميم الذي انشئ هذا القانون الديالكتي لحسابه؟
ومن الميسور جداً الجواب على هذا السؤال؛ فإنّ الماركسية رأت أنّ الشيء الوحيد الذي يشقّ الطريق إلى سيطرتها السياسية، أو إلى السيطرة السياسية للمصالح التي تتبنّاها، هو: الانقلاب. فذهبت تفحص عن مستمسك فلسفي لهذا الانقلاب، فلم تجده في قانوني الحركة والتناقض؛ لأنّ هذين القانونين إنّما يحتّمان على المجتمع أن يتطوّر تبعاً للتناقضات المتوحّدة فيه. وأمّا طريقة التطوّر ودفعيّته فلا يكفي مبدأ الحركة التناقضية لإيضاحها. ولذلك صار من الضروري أن يوضع قانون آخر ترتكز عليه فكرة الانقلاب. وكان هذا القانون هو: قانون قفزات التطوّر القائل بتحوّلات دفعية للكمّية إلى كيفية. وعلى أساس هذا القانون لم يعدِ الانقلاب جائزاً فحسب، بل يكون ضرورياً وحتمياً بموجب