مؤمنة سلفاً- وقبل كلّ دليل- بضرورة تبنّي ذلك القانون ما دام يلقي شيئاً من الضوء على طريق العمل والكفاح. ويحسن بنا أن نستمع بهذه المناسبة ل (أنجلز)، وهو يحدِّث عن بحوثه التي قام بها في كتابه ضد دوهرنك:
«وغني عن البيان بأ نّني كنت قد عمدت إلى سرد المواضيع في الرياضيات والعلوم الطبيعية (سرداً عاجلًا) وملخّصاً؛ بغية أن أطمئنّ تفصيلًا- إلى ما لم أكن في شكّ منه بصورة عامّة- إلى أنّ نفس القوانين الديالكتيكية للحركة التي تسيطر على العفوية الظاهرة للحوادث في التأريخ، تشقّ طريقها في الطبيعة»[1].
في هذا النصّ تلخّص الماركسية لنا اسلوبها في محاولاتها الفلسفية، وكيف وثقت كلّ الوثوق باستكشاف قوانين العالم، وآمنت بصحّتها قبل أن تتبيّن مدى واقعيتها في المجالات العلمية والرياضية، ثمّ حرصت بعد ذلك على أن تطبّقها على تلك المجالات، وتخضع الطبيعة للديالكتيك في (سرد عاجل)- على حدّ تعبير أنجلز- مهما كلّفها الأمر، ولو أثار ذلك احتجاج علماء الرياضيات أو الطبيعيات أنفسهم، كما يعترف بذلك (أنجلز) في عبارة قريبة من النصّ الذي نقلناه.
ولمّا كان الغرض الأساسي من إنشاء هذا المنطق الجديد، إيجاد سلاح فكري للماركسية في معركتها السياسية، فمن الطبيعي- إذن- أن تبدأ- أوّلًا وقبل كلّ شيء- بتطبيق القانون الديالكتيكي على الحقل السياسي والاجتماعي. فقد فسّرت المجتمع بكلّ أجزائه طبقاً لقانون الحركة التناقضية، أو التناقض الحركي،
[1] ضد دوهرنك: الاقتصاد السياسي: 193