غير معقول؛ لأنّه يؤدّي إلى لون من التناقض[1]. وقد أوضح المحقّقون من الفلاسفة أ نّها نشأت من عدم الوعي الصحيح لمعنى التدرّج والوجود التدريجي[2].
ولمّا كنّا نعرف- الآن- بكلّ وضوح أنّ الحركة ليست صراعاً بين فعليات متناقضة دائماً، بل هي تشابك بين القوّة والفعل، وخروج تدريجي للشيء من أحدهما إلى الآخر، نستطيع أن ندرك أنّ الحركة لا يمكن أن تكتفي ذاتياً عن السبب، وأنّ الوجود المتطوّر لا يخرج من القوّة إلى الفعل إلّالسبب خارجي، وليس الصراع بين التناقضات هو العلّة الداخلية لذلك؛ إذ ليست في الحركة وحدة للتناقضات والأضداد لتنجم الحركة عن الصراع بينها. فما دام الوجود المتطوّر في لحظة انطلاق الحركة خالياً من الدرجات أو النوعيات التي سوف يحصل عليها في مراحل الحركة، ولم يكن في محتواه الداخلي إلّاإمكان تلك الدرجات، والاستعداد لها، فيجب أن يوجد سبب لإخراجه من القوّة إلى الفعل، لتبديل الإمكان الثابت في محتواه الداخلي إلى حقيقة.
وبهذا نعرف أنّ قانون الحركة العامّة في الطبيعة يبرهن بنفسه على ضرورة وجود مبدأ خارج حدودها المادّية؛ ذلك أنّ الحركة بموجب هذا القانون هي:
كيفية وجود الطبيعة. فوجود الطبيعة عبارة اخرى عن حركتها وتدرّجها، وخروجها المستمرّ من الإمكان إلى الفعلية. وقد انهارت لدينا نظرية الاستغناء الذاتي للحركة بتناقضاتها الداخلية التي تنبثق الحركة عن الصراع بينها في زعم
[1] المباحث المشرقيّة 1: 549- 450، لفخر الدين الرازي
[2] الأسفار الأربعة 3: 26