هذه النظرة بأ نّنا مغمورون في التناقضات، فالحركة نفسها هي تناقض. إنّ أبسط تغيّر ميكانيكي في المكان لا يمكن أن يحدث إلّابواسطة كينونة جسم ما، في مكان ما، في لحظة ما، وفي نفس تلك اللحظة كذلك، في غير ذلك المكان، أي:
كينونته وعدم كينونته معاً في مكان واحد، في نفس اللحظة الواحدة، فتتابع هذا التناقض تتابعاً مستمرّاً، وحلّ هذا التناقض حلًا متواقتاً مع هذا التتابع، هو ما يسمّى بالحركة»[1].
انظروا ما أسخف مفهوم الحركة في المادّية الجدلية، هذا المفهوم الذي يشرحه (أنجلز) على أساس (التناقض)، وهو لا يعلم أنّ درجتين من الحركة لو كانتا موجودتين بالفعل في مرحلة معيّنة منها، لما أمكن التطوّر، وبالتالي لجمدت الحركة؛ لأنّ الحركة انتقال للموجود من درجة إلى درجة، ومن حدّ إلى حدّ، فلو كانت الحدود والنقاط كلّها مجتمعة بالفعل، لما وجدت حركة، فمن الضروري أن لا تُفسَّر الحركة إلّاعلى ضوء مبدأ (عدم التناقض)، وإلّا- لو جاز التناقض- فمن حقّنا أن نتساءل: هل إنّ الحركة تنطوي على التغيّر في درجات الشيء المتطوّر، والتبدّل في حدوده ونوعيّته أو لا؟ فإن لم يكن فيها شيء من التغيّر والتجدّد، فليست هي حركة، بل هي جمود وثبات. وإن اعترفت الماركسية بالتجدّد والتغيّر في الحركة فلماذا هذا التجدّد إذا كانت المتناقضات كلّها موجودة بالفعل ولم يكن بينها تعارض؟
إنّ أبسط تحليل للحركة يطلعنا على أ نّها مظهر من مظاهر التمانع، وعدم
[1] ضد دوهرنك: 202