يجتمعان ما دام الخطأ والحقيقة أمرين نسبيين، وما دمنا لا نملك حقيقة مطلقة.
والفكرة الماركسية القائلة باجتماع الحقيقة والخطأ ترتكز على فكرتين:
إحداهما، الفكرة الماركسية عن تطوّر الحقيقة وحركتها، القائلة: إنّ كلّ حقيقة تتحرّك وتتغيّر بصورة مستمرّة.
والاخرى، الفكرة الماركسية على تناقضات الحركة، القائلة: إنّ الحركة عبارة عن سلسلة من التناقضات، فالشيء المتحرّك في كلّ لحظة هو في نقطة معيّنة وليس هو في تلك النقطة، ولذلك تعتبر الماركسية الحركة نقضاً لمبدأ الهويّة.
فكان من نتيجة هاتين الفكرتين: أنّ الحقيقة والخطأ يجتمعان وليس بينهما تعارض مطلق؛ ذلك أنّ الحقيقة لمّا كانت في حركة، وكانت الحركة تعني التناقض المستمرّ، فالحقيقة- إذن- حقيقة، وليست بحقيقة بحكم تناقضاتها الحركية.
وقد تبينّا فيما قدّمناه: مدى خطأ الفكرة الاولى عن حركة الحقيقة وتطوّرها، وسوف نعرض بكلّ تفصيل للفكرة الثانية عند تناول الديالكتيك بالدرس المستوعب في المسألة الثانية (المفهوم الفلسفي للعالم)، وسوف يزداد وضوحاً عند ذاك الخطأ والاشتباه في قوانين الديالكتيك بصورة عامّة، وفي تطبيقه على الفكرة بصورة خاصّة.
ومن الواضح: أنّ تطبيق قوانين الديالكتيك من التناقض والتطوّر على الأفكار والحقائق بالشكل المزعوم، يؤدّي إلى انهيار القيمة المؤكّدة لجميع المعارف والأحكام العقلية مهما كانت واضحة وبدهية. وحتّى الأحكام المنطقية أو الرياضية البسيطة تفقد قيمتها؛ لأنّها تخضع- بموجب التناقضات المحتواة فيها على الرأي الديالكتيكي- لقوانين التطوّر والتغيّر المستمرّ، فلا يؤمن على ما ندركه الآن من الحقائق- نظير 2+ 2/ 4 والجزء أصغر من الكلّ- أن يتغيّر