خالية من المادّة، إذا صحّ ذلك كلّه فلن يغيّر ذلك من موقفنا تجاه السؤال الأوّل شيئاً؛ لأنّنا نؤمن على كلّ تقدير بأنّ الحقيقة ليست نتائج الشعور فحسب، بل هي وليدة الواقع المستقلّ.
وإنّما يكون لهذه النظريات العلمية تأثير إذا فرغنا عن الإجابة على السؤال الأوّل، وتناولنا السؤال الثاني لنعرف كيف هو العالم.
وبهذا نعرف أنّ كشوف العلم الحديث لا تردّ على الواقعية بشيء، وإنّما تردّ على المادّية التي تزعم أنّ المادّية هي الوصف اللازم لذلك الواقع بصورة عامّة.
ومن الغريب محاولة بعض المادّيين الاحتفاظ للمادّية بمقامها، والردّ على البراهين العلمية والتجريبية بأ نّها لا تبرهن على سلب الصفة المادّية عن العالم، وإنّما تكون سبباً في تعمّق فهمنا للمادّة وخصائصها.
قال لينين:
«إنّ تلاشي المادّة يعني أنّ الحدّ الذي وصلت إليه معرفتنا بالمادّة يتلاشى، وإنّ وعينا يتعمّق، فثمّة خصائص للمادّة- كعدم قابليتها للاختراق وعدم الحركة والكتلة- كانت تبدو لنا من قبل مطلقة ثابتة أوّلية وهي تتلاشى الآن، وقد عرفت بأ نّها نسبية ملازمة فقط لبعض حالات المادّة؛ ذلك أنّ الخاصّة الوحيدة للمادّة التي يحدّد التسليم بها المادّية الفلسفية إنّما هي: كونها- أي المادّة- حقيقة موضوعية، وأ نّها موجودة خارج وعينا»[1].
«إنّ دعائم المفهوم المادّي عن العالم لا يمكن أن
[1] ما هي المادّية؟: 20- 21