«اللَّه» في هذا المعترك، وتنادي بها، وتدعو العالم إليها، كما فعلت في فجر تاريخها العظيم، فكان هذا الكتاب تعبيراً واضحاً قويّاً عن تلك الكلمة، عولجت فيه مشكلة المعرفة والكون ضمن دراسةٍ موضوعيّة عن الصراع الفكري القائم بين مختلف التيّارات الفلسفيّة، وخاصّة الفلسفة الإسلاميّة والمادّيّة الديالكتيكيّة الماركسيّة، وقد أخذ مأخذه العظيم من الشهرة والنفوذ في الأوساط العلميّة والثقافيّة، ونال قصب السبق في هذا المجال.
وقد مُني هذا الكتاب بمحنة التحريف السافر بأمر النظام البعثي البائد في الطبعة التي قام بها هذا النظام في حياة المؤلّف قدس سره ورغم أنفه، فكانت هذه ظلامةً من عشرات الظلامات التي وقعت على هذا الرجل العظيم. كما أنّ دور النشر التي تصدّت لطبع هذا الكتاب في خارج العراق لم تكن على مستوى الأمانة والدقّة الكافيتين، ممّا سبّب وقوع أخطاء كثيرة جدّاً فيه.
وعلى هذا الأساس ولأجل الأهميّة الفريدة لهذا الكتاب تصدّت لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر رحمه الله لتحقيق هذا الكتاب بجدّية خاصّة، وبذلت جهدها على مستوىً رفيع جدّاً لتجريده عن الأخطاء والتحريفات، كما أ نّها قامت باستخراج المصادر التي استند إليها المؤلّف العظيم قدس سره مبلغ الإمكان، وأضافت إليها إرجاعاتٍ عديدةً في موضوعات مختلفة إلى المصادر الفلسفيّة الحديثة والقديمة، لكي يتسنّى للقارئ العزيز التوسّع والتعمّق في تلك المجالات.
ومن أهمّ ما قامت به اللجنة المذكورة في تحقيق هذا الكتاب المقارنة الدقيقة بين النظريّات الفلسفيّة التي تبنّاها المؤلّف قدس سره في هذا الكتاب، وبين ما انتهى إليه نظره بعد اثنتي عشرة سنة في كتابه القيّم «الاسس المنطقيّة للاستقراء» حيث إنّه قدس سره كان قد أ لّف كتاب «فلسفتنا» في ضوء الأفكار الفلسفيّة السائدة عند