والآخر الرأي القائل: بأنّ للمعرفة خطوتين: الخطوة الحسّية والخطوة العقلية، أو التطبيق والنظرية، أو مرحلة التجربة ومرحلة المفهوم والاستنتاج.
فنقطة الانطلاق للمعرفة هي: الحسّ والتجربة، والدرجة العالية لها هي: تكوين مفهوم علمي ونظرية تعكس الواقع التجريبي بعمق ودقّة.
وهذا الرأي الثاني هو الرأي الذي اتّخذته الماركسية في مسألة المعرفة، ولكنّها لاحظت أنّ هذا الرأي سوف ينتهي بها بصورته الظاهرة إلى المذهب العقلي؛ لأنّه يفرض ميداناً ومجالًا للمعرفة الإنسانية خارج حدود التجربة البسيطة، فوضعته على أساس وحدة النظرية والتطبيق، وعدم إمكان فصل أحدهما عن الآخر، وبذلك احتفظت للتجربة بمقامها في المذهب التجريبي، واعتبارها المقياس العام للمعارف البشرية.
قال ماو تسي تونغ:
«الخطوة الاولى في عملية اكتساب المعرفة هي:
الاتّصال الأوّلي بالمحيط الخارجي (مرحلة الأحاسيس)، الخطوة الثانية هي جمع المعلومات التي نحصل عليها من الإدراكات الحسّية وتنسيقها وترتيبها (مرحلة المفاهيم والأحكام والاستنتاجات)، وبالحصول على معلومات كافية كاملة من الإدراكات الحسّية (لا جزئية أو ناقصة)، ومطابقة هذه المعلومات للوضع الحقيقي (لا مفاهيم خاطئة) عند هذا فقط يصبح في المستطاع أن نصوغ على أساس هذه المعلومات مفهوماً ومنطقاً صحيحين»[1].
[1] حول التطبيق: 14