استأجر الخيّاط لخياطة قطعة من الصوف قميصاً له فهو لا يملك أثر الخياطة، وهو الهيئة الخاصّة التي بها يكون الصوف قميصاً بسبب عقد الإجارة، وإنّما يملك الهيئة بنفس ملكيّته للصوف الثابتة قبل عقد الإجارة؛ لأنّ ملكيّة المادّة في الشرع هي ملكيّة لجميع ما يطرأ عليها من هيئات محضة، وليس للهيئة ملكيّة مستقلّة.
ولهذا لو افترضنا أنّ قطعة الصوف ليست للمستأجر، وإنّما هي لشخص آخر أباح له التصرّف فيها لم يكن المستأجر يملك بعقد الإجارة هيئة الثوبيّة.
وهذا يعني أنّ أثر عمل الأجير- كهيئة الثوب مثلًا- إنّما يكون ملكاً للمستأجر إذا حصل في مادّة مملوكة له في الدرجة السابقة على عقد الإجارة. وفي موضع البحث حيث إنّ الخشب المحاز لم يكن مملوكاً للمستأجر قبل الإجارة، بل هو من المباحات العامّة فقياسه بأثر الخياطة باطل؛ لوجود الفارق.
وثانياً: أنّ أثر الحيازة المقابل للهيئة الناتجة عن الخياطة ليس هو نفس الخشب، بل ملكيّة الخشب المترتّبة شرعاً على الحيازة. فملكيّة المال المحاز في موارد الحيازة هي التي تقابل نفس الهيئة الحاصلة من الخياطة. فلو اريد قياس الحيازة بالخياطة، وقطعنا النظر عن الاعتراض الأوّل لكانت نتيجة ذلك أن يملك المستأجر ملكيّة الخشب، لا نفس الخشب، وهذا لا معنى له.
الثاني: أنّ حيازة الأجير لمّا كانت مملوكةً للمستأجر فهي حيازته في الحقيقة، فالمستأجر يملك الخشب المحاز بوصفه حائزاً له بنفس حيازة أجيره.
واعتراضنا على هذا الوجه:
أوّلًا: أنّ ملكيّة المستأجر لحيازة الأجير تحقّق إضافة الحيازة إلى المستأجر بإضافة الملكيّة، لا على حدّ إضافة الفعل إلى فاعله بحيث يكون المستأجر حائزاً بحيازة أجيره، وما هو سبب تملّك فرد للمال إنّما هو كونه حائزاً له، لا كونه مالكاً لحيازته.