و (اللام) بطبيعتها لا تدلّ على الملكيّة، بل على الاختصاص، وإنّما تدلّ على الملكيّة بالإطلاق، وهذا يعني أنّ التعارض بين إطلاقي (اللامين)؛ لأنّهما تؤدّيان إلى ملكيّتين مختلفتين، فيسقط الإطلاقان، وتبقى الدلالة على أصل الاختصاص ثابتة، إذ لا مانع من افتراض اختصاصين بالأرض التي أحياها الكافر بعد تشريع حكم الأنفال ثمّ فتحها المسلمون: أحدهما: اختصاص الإمام على مستوى الملكيّة، والآخر: اختصاص المسلمين على مستوى الحقّ[1].
[1] وبتعبيرٍ آخر: أنّ التعارض في الحقيقة ليس بين إطلاق عنوان( الغنيمة) في نصوص ملكيّة المسلمين وإطلاق عنوان( الأرض الميتة) في نصوص ملكيّة الإمام؛ ليتعيّن الالتزام بخروج مادّة التعارض- وهي الأرض التي نتكلّم عنها- إمّا عن هذه النصوص رأساً وإمّا عن تلك كذلك، وإنّما التعارض في الحقيقة بين إطلاق( اللام) في هذه النصوص وإطلاقها في تلك؛ لأنّ هذين الإطلاقين هما اللذان يؤدّيان إلى اجتماع الملكيّتين على مملوك واحد، وقانون المعارضة يقتضي التساقط بمقدارها لا أكثر، فيسقط إطلاق( اللام) المفيد للملكيّة في كلٍّ من الطائفتين، ويبقى أصل( اللام) الدالّ على مطلق الاختصاص. وحينئذٍ نثبت اختصاص المسلمين بالأرض التي وقعت مادّة التعارض بنفس( اللام) في نصوص الغنيمة؛ لأنّ هذا المقدار لم يكن له معارض. ونثبت اختصاص الإمام بتلك الأرض اختصاصاً ملكيّاً بالعموم الفوقي الدالّ على أنّ الأرض كلّها للإمام؛ لأنّ العامّ يكون مرجعاً بعد تساقط الخاصّين.
وقد يتوهّهم خلافاً لما قلناه: أنّ المتعيّن عند المعارضة بين الطائفتين تقديم دليل ملكيّة الإمام؛ لأنّ الاستيعاب في بعض نصوصه بأداة العموم، كما في قوله:« كلّ أرض ميتة للإمام». دون أخبار الأرض الخراجيّة فإنّ دلالتها على الاستيعاب بالإطلاق.
والجواب: أنّ إطلاق أخبار الأراضي الخراجيّة لا يعارض العموم الأفرادي في قوله:« كلّ أرض ميتة»، وإنّما يعارض إطلاقه الأزماني لما بعد الفتح، بمعنى أنّ الأرض العامرة المفتوحة كانت إلى حين الفتح داخلة في دليل ملكيّة الإمام بلا معارض. فطرف المعارضة إذن هو الإطلاق الأزماني في دليل ملكيّة الإمام، لا العموم الأفرادي الذي هو بالوضع، وحتّى الإطلاق الأزماني قد عرفت أنّ مرجع طرفيّته للمعارضة بالدقّة إلى كون إطلاق( اللام) طرفاً للمعارضة، ولهذا لو فرض عدم وجود إطلاق في( اللام) يدلّ على الملكيّة لما بقيت معارضة، لا مع العموم الأفرادي، ولا مع الإطلاق الأزماني.( المؤلّف قدس سره)