الاسطوري الذي لا يمكن حلّه بحال من الأحوال، ليكون ذلك مبرّراً للاعتراف بحتميّة المشكلة وحصر علاجها النسبي في تنمية الإنتاج بوصفها عمليّة مقصودة بذاتها، وبالتالي يؤدّي ذلك إلى وضع النظام الاقتصادي في إطار المشكلة، بدلًا عن اكتشاف النظام الذي يقضي عليها، كما صنعت الرأسماليّة حين أبرزت الوجه الاسطوري للمشكلة، فخيّل لها أنّ الطبيعة ما دامت بخيلة أو عاجزة عن إشباع حاجات الإنسان جميعاً فمن الطبيعي أن تتصادم هذه الحاجات وتتعارض، وعندئذٍ لا بدّ من وضع نظام اقتصادي ينسّق تلك الحاجات ويحدّد ما يجب إشباعه منها.
إنّ الإسلام لا يقرّ ذلك كلّه، وينظر إلى المشكلة من ناحيتها الواقعيّة القابلة للحلّ، كما نجد ذلك في قوله تعالى:
«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ* وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ* وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ»[1].
فإنّ هذه الآيات الكريمة بعد أن استعرضت مصادر الثروة التي أنعم اللَّه تعالى بها على الإنسان أكّدت أ نّها كافية لإشباع الإنسان وتحقيق سُؤله «وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ». فالمشكلة الواقعيّة لم تنشأ عن بخل الطبيعة أو عجزها عن تلبية حاجات الإنسان، وإنّما نشأت من الإنسان نفسه، كما تقرّره الآية الأخيرة «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ». فظلم الإنسان في توزيع الثروة
[1] سورة إبراهيم: 32- 34