وحرمة القمار[1] وتحريم الكسب القائم على أساسه جانب آخر من جوانب الشريعة التي تبرهن على موقفها السلبي من عنصر المخاطرة؛ لأنّ الكسب الناتج عن المقامرة لا يقوم على أساس عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار، وإنّما يرتكز على أساس المخاطرة وحدها، فالفائز يحصل على الرهان لأنّه غامر بماله وأقدم على دفع الرهان لخصمه إذا خسر الصفقة.
ويمكننا أن نضيف إلى إلغاء القمار: إلغاء الشركة في الأبدان أيضاً، فقد نصّ كثير من الفقهاء على بطلانها، كالمحقّق الحلّي في الشرائع[2] وابن حزم في المحلّى[3].
ويريدون بهذه الشركة أن يتّفق اثنان أو أكثر على ممارسة كلّ واحد منهم عمله الخاصّ، والاشتراك فيما يحصلون عليه من مكاسب، كما إذا قرّر طبيبان أن يمارس كلّ واحد منهما عمله في عيادته، ويحصل في نهاية الشهر مثلًا على نصف مجموع الاجور التي كسبها الطبيبان معاً خلال ذلك الشهر.
وإلغاء هذه الشركة يتّفق مع الموقف السلبي العامّ للشريعة من عنصر المخاطرة؛ لأنّ الكسب فيها يقوم على أساس المخاطرة لا العمل. فالطبيبان في المثال المتقدّم إنّما يقدمان على هذا النوع من الشركة لأنّهما لا يعلمان سلفاً كمّية الاجور التي سوف يحصلان عليها، فكلّ واحد منهما يحتمل أنّ اجور صاحبه سوف تزيد على اجوره، كما يحتمل العكس، ولهذا يقدم على الشركة موطّناً نفسه على التنازل عن شيء من اجوره إذا زادت على اجور صاحبه في سبيل أن
[1] وسائل الشيعة 17: 164، الباب 35 من أبواب ما يكتسب به
[2] شرائع الإسلام 2: 130، 134
[3] المحلّى 6: 412