فأجاب الإمام: بأنّ الأرض إذا كانت أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه. ثمّ سأله عن الرجل يبيع المراعي؟ فقال له: إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس[1]. فإنّ هذا الجواب يدلّ على أنّ نفس عمليّة اتّخاذ الأرض مرعىً لا توجِد حقّاً للراعي في الأرض يسوّغ له نقل هذا الحقّ إلى غيره بالبيع.
الاستنتاج:
في ضوء هذا البناء العلْوي وإشعاعه الخاصّ من القاعدة المذهبيّة نستطيع أن ندرك معالم النظريّة، وبالتالي أن نجيب على الأسئلة التي قدّمناها سابقاً.
العمل الاقتصادي أساس الحقوق في النظريّة:
فالنظريّة تميّز بين نوعين من الأعمال: أحدهما: الانتفاع والاستثمار، والآخر: الاحتكار والاستئثار. فأعمال الانتفاع والاستثمار ذات صفة اقتصاديّة بطبيعتها، وأعمال الاحتكار والاستئثار تقوم على أساس القوّة ولا تحقّق انتفاعاً ولا استثماراً مباشراً.
ومصدر الحقوق الخاصّة في النظريّة هو العمل الذي ينتمي إلى النوع الأوّل، كاحتطاب الخشب من الغابة، ونقل الأحجار من الصحراء، وإحياء الأرض الميتة. وأمّا النوع الثاني من العمل فلا قيمة له؛ لأنّه مظهر من مظاهر القوّة، وليس نشاطاً اقتصاديّاً من نشاطات الانتفاع والاستثمار للطبيعة وثروتها. والقوّة لا تكون مصدراً للحقوق الخاصّة ولا مبرّراً كافياً لها. وعلى هذا الأساس ألغت
[1] المصدر السابق 17: 371، الباب 22 من أبواب عقد البيع وشروطه، الحديث الأوّل، مع اختلاف يسير