وشرب ماشيته وسقي زرعه، فإذا فضل بعد ذلك وجب عليه بذله بلا عوض لمن احتاج إليه، كما نصّ على ذلك الشيخ الطوسي في المبسوط[1]. وقد مرّ بنا النصّ سابقاً.
9- إذا ملك شخص مالًا بالحيازة ثمّ أهمله وسيّبه زال حقّه فيه وعاد مباحاً طلقاً، كما كان قبل الحيازة، وجاز لآخر تملّكه؛ لأنّ إعراض المالك عن الانتفاع بملكه وتسييبه له يقطع صلته به، كما جاء في حديث صحيح لعبد اللَّه بن سنان، عن أهل البيت عليهم السلام أ نّهم قالوا: «من أصاب مالًا أو بعيراً في فلاة من الأرض كلَّت وتاهت وسيّبها صاحبها لمّا لم يتبعه، فأخذها غيره فأقام عليها، وأنفق نفقة حتّى أحياها من الكلال ومن الموات فهي له ولا سبيل له عليها، إنّما هي مثل الشيء المباح»[2].
والحديث وإن كان يدور حول بعير مسيّب ولكنّه حين عطف البعير على المال عرفنا أنّ القاعدة عامّة في كلّ الأحوال.
10- لا يوجد للفرد حقّ في رقبة الأرض التي يرعى فيها غنمه، ولا يتملّك المرعى بممارسته للرعي فيه، وإنّما يكتسب حقّاً فيه بالإحياء فقط، ولذا لا يجوز للشخص أن يبيع مرعاه إذا لم يكن قد اكتسب حقّاً فيه قبل ذلك بالإحياء أو الإرث من المحيي ونحو ذلك.
وقد جاء عن إدريس بن زيد أ نّه سأل الإمام موسى بن جعفر عليه السلام وقال له:
إنّ لنا ضياعاً ولها حدود، ولنا الدوابّ وفيها مراعي، وللرجل منّا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لإبله وغنمه، أيحلّ له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟
[1] راجع المبسوط 3: 281
[2] وسائل الشيعة 25: 458، الباب 13 من كتاب اللقطة، الحديث 2، عن الإمام الصادق عليه السلام